النفوس. (وَلَدَيْنا كِتابٌ) يريد به اللوح أو صحيفة الأعمال. (يَنْطِقُ بِالْحَقِ) بالصدق لا يوجد فيه ما يخالف الواقع. (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) بزيادة عقاب أو نقصان ثواب.
(بَلْ قُلُوبُهُمْ) قلوب الكفرة. (فِي غَمْرَةٍ) في غفلة غامرة لها. (مِنْ هذا) من الّذي وصف به هؤلاء أو من كتاب الحفظة. (وَلَهُمْ أَعْمالٌ) خبيثة (مِنْ دُونِ ذلِكَ) متجاوزة لما وصفوا به أو متخطية عما هم عليه من الشرك. (هُمْ لَها عامِلُونَ) معتادون فعلها.
(حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ (٦٤) لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ)(٦٥)
(حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ) متنعميهم. (بِالْعَذابِ) يعني القتل يوم بدر أو الجوع حين دعا عليهم الرسول صلىاللهعليهوسلم فقال : «اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف». فقحطوا حتى أكلوا الجيف والكلاب والعظام المحرقة. (إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ) فاجؤوا الصراخ بالاستغاثة ، وهو جواب الشرط والجملة مبتدأ بعد حتى ويجوز أن يكون الجواب.
(لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ) فإنه مقدر بالقول أي قيل لهم لا (تَجْأَرُوا الْيَوْمَ). (إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ) تعليل للنهي أي لا تجأروا فإنه لا ينفعكم إذ لا تمنعون منا ، أو لا يلحقكم نصر ومعونة من جهتنا.
(قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ (٦٦) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ)(٦٧)
(قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ) يعني القرآن. (فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ) تعرضون مدبرين عن سماعها وتصديقها والعمل بها ، والنكوص الرجوع قهقرى.
(مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ) الضمير للبيت وشهرة استكبارهم وافتخارهم بأنهم قوامه أغنت عن سبق ذكره ، أو لآياتي فإنها بمعنى كتابي والباء متعلقة ب (مُسْتَكْبِرِينَ) لأنه بمعنى مكذبين ، أو لأن استكبارهم على المسلمين حدث بسبب استماعه أو بقوله : (سامِراً) أي تسمرون بذكر القرآن والطعن فيه ، وهو في الأصل مصدر جاء على لفظ الفاعل كالعاقبة ، وقرئ «سمرا» جمع سامر (تَهْجُرُونَ) من الهجر بالفتح إما بمعنى القطيعة أو الهذيان ، أي تعرضون عن القرآن أو تهذون في شأنه أو الهجر بالضم أي الفحش ، ويؤيد الثاني قراءة نافع (تَهْجُرُونَ) من أهجر وقرئ «تهجرون» على المبالغة.
(أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٦٩) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ)(٧٠)
(أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ) أي القرآن ليعلموا أنه الحق من ربهم بإعجاز لفظه ووضوح مدلوله. (أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ) من الرسول والكتاب ، أو من الأمن من عذاب الله تعالى فلم يخافوا كما خاف آباؤهم الأقدمون كإسماعيل وأعقابه فآمنوا به وبكتبه ورسله وأطاعوه.
(أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ) بالأمانة والصدق وحسن الخلق وكمال العلم مع عدم التعلم إلى غير ذلك مما هو صفة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. (فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) دعواه لأحد هذه الوجوه إذ لا وجه له غيرها ، فإن إنكار الشيء قطعا أو ظنا إنما يتجه إذا ظهر امتناعه بحسب النوع أو الشخص أو بحث عما يدل عليه أقصى ما يمكن فلم يوجد.
(أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ) فلا يبالون بقوله وكانوا يعلمون أنه صلىاللهعليهوسلم أرجحهم عقلا وأدقهم نظرا. (بَلْ جاءَهُمْ