التي يقال إنها من عجائب الدنيا فليست هذه التي على باب طبرية على جانب بحيرتها فإن مثل هذه كثيرا رأينا في الدنيا وأما التي من عجائب الدنيا فهو موضع في أعمال طبرية شرقي قرية يقال لها الحسينية في واد ، وهي عمارة قديمة يقال إنها من عمارة سليمان بن داود ، وهو هيكل يخرج الماء من صدره وقد كان يخرج من اثنتي عشرة عينا كل عين مخصوصة بمرض إذا اغتسل فيها صاحب ذلك المرض برئ بإذن الله تعالى ، والماء شديد الحرارة جدّا صاف عذب طيب الرائحة ويقصده المرضى يستشفون به ، وعيون تصب في موضع كبير حرّ يسبح الناس فيه ، ومنفعته ظاهرة وما رأينا ما يشابهه إلا الشرميا المذكور في موضعه ، قال أبو القاسم : كان أول من بناها ملك من ملوك الروم يقال له طبارا وسميت باسمه ، وفيها عيون ملحة حارة وقد بنيت عليها حمامات فهي لا تحتاج إلى الوقود تجري ليلا ونهارا حارة وبقربها حمة يقتمس فيها الجرب وبها مما يلي الغور بينها وبين بيسان حمة سليمان بن داود ، عليهما السلام ، ويزعمون أنها نافعة من كل داء ، وفي وسط بحيرتها صخرة منقورة قد طبقت بصخرة أخرى تظهر للناظر من بعيد يزعم أهل النواحي أنه قبر سليمان ابن داود ، عليهما السلام ، وقال أبو عبد الله بن البنّاء : طبرية قصبة الأردن بلد وادي كنعان موضوعة بين الجبل وبحيرة فهي ضيقة كربة في الصيف وخمة وبئة ، وطولها نحو من فرسخ بلا عرض ، وسوقها من الدرب إلى الدرب ، والمقابر على الجبل ، بها ثمانية حمامات بلا وقيد ومياض عدة حارة الماء ، والجامع في السوق كبير حسن ، فرشه مرفوع بالحصى على أساطين حجارة موصولة ، ويقال : أهل طبرية شهرين يرقصون من كثرة البراغيث وشهرين يلوكون يعني البق فإنه كثير عندهم وشهرين يثاقفون يعني بأيديهم العصيّ يطردون الزنابير عن طعومهم وحلاوتهم وشهرين عراة يعني من شدة الحرّ وشهرين يزمرون يعني يمصّون قصب السكر وشهرين يخوضون من كثرة الوحل في أرضهم ، قال : وأسفل طبرية جسر عظيم عليه طريق دمشق ، وشربهم من البحيرة ، وحول البحيرة كله قرى متصلة ونخيل ، وفيها سفن كثيرة ، وهي كثيرة الأسماك لا تطيب لغير أهلها ، والجبل مطلّ على البلد ، وماؤها عذب ليس بحلو ، والنسبة إليها طبراني على غير قياس ، فكأنه لما كثرت النسبة بالطبري إلى طبرستان أرادوا التفرقة بين النسبتين فقالوا طبراني إلى طبرية كما قالوا صنعاني وبهراني وبحراني ، ومن مشهور من ينسب إليها الإمام الحافظ سليمان ابن أحمد بن أيوب بن مطير أبو القاسم الطبراني أحد الأئمة المعروفين والحفاظ المكثرين والطلاب الرحّالين الجوّالين والمشايخ المعمرين والمصنفين المحدثين والثقات الأثبات المعدّلين ، سمع بدمشق أبا زرعة البصري وأحمد بن المعلى وأبا عبد الملك البسري وأحمد بن أنس بن مالك وأحمد بن عبد القاهر الخيبري اللخمي وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة وأبا علي إسماعيل ابن محمد بن قيراط وأبا قصيّ بن إسماعيل بن محمد العذري ، وبمصر يحيى بن أيوب العلّاف ، وببرقة أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ، وباليمن إسحاق بن إبراهيم الدّبري والحسن بن عبد الأعلى البوسي وإبراهيم بن محمد بن برة وإبراهيم بن مؤيد الشيباني أربعتهم يروون عن عبد الرزاق بن همّام ، وسمع بالشام أبا زيد أحمد بن عبد الرحيم الحوطي وإبراهيم بن أبي سفيان القيسراني وإبراهيم بن محمد بن عرق الحمصي وأبا عقيل بن أنس الخولاني ، وسمع بالعراق أبا مسلم الكجيّ وإدريس بن جعفر الطيار وأبا خليفة الفضل بن الحباب الجمحي والحسن بن سهل بن المجوّز وغير هؤلاء ، وصنّف المعجم الكبير