ق
باب القاف والألف وما يليهما
قَابِسُ : إن كان عربيّا فهو من أقبست فلانا علما ونارا أو قبسته فهو قابس ، بكسر الباء الموحدة : مدينة بين طرابلس وسفاقس ثم المهدية على ساحل البحر فيها نخل وبساتين غربي طرابلس الغرب ، بينها وبين طرابلس ثمانية منازل ، وهي ذات مياه جارية من أعمال إفريقية في الإقليم الرابع ، وعرضها خمس وثلاثون درجة ، وكان فتحها مع فتح القيروان سنة ٢٧ على ما يذكر في القيروان ، قال البكري : قابس مدينة جليلة مسوّرة بالصخر الجليل من بنيان الأول ذات حصن حصين وأرباض وفنادق وجامع وحمّامات كثيرة وقد أحاط بجميعها خندق كبير يجرون إليه الماء عند الحاجة فيكون أمنع شيء ، ولها ثلاثة أبواب ، وبشرقيّها وقبليّها أرباض يسكنها العرب والأفارق ، وفيها جميع الثمار ، والموز فيها كثير وهي تمير القيروان بأصناف الفواكه ، وفيها شجر التوت الكثير ويقوّم من الشجرة الواحدة منها من الحرير ما لا يقوّم من خمس شجرات غيرها ، وحريرها أجود الحرير وأرقّه وليس في عمل إفريقية حرير إلا في قابس ، واتصال بساتين ثمارها مقدار أربعة أميال ، ومياهها سائحة مطرّدة يسقى بها جميع أشجارها ، وأصل هذا الماء من عين خرّارة في جبل بين القبلة والغرب منها يصبّ في بحرها ، وبها قصب السكر كثير ، وبقابس منار كبير منيف يحدو به الحادي إذا ورد من مصر يقول :
يا قوم لا نوم ولا قرارا |
|
حتى نرى قابس والمنارا |
وساحل مدينة قابس مرفأ للسّفن من كل مكان ، وحوالي قابس قبائل من البربر : لواتة ولماتة ونفوسة وزواوة وقبائل شتّى أهل أخصاص ، وكانت ولايتها منذ دخل عبيد الله إفريقية تتردد في بني لقمان الكناني ، ولذلك يقول الشاعر :
لولا ابن لقمان حليف الندى |
|
سلّ على قابس سيف الرّدى |
وبين مدينة قابس والبحر ثلاثة أميال ، ومما يذكرون من معايبهم أن أكثر دورهم لا مذاهب لهم فيها وإنما يتبرّزون في الأفنية فلا يكاد أحد منهم يفرغ من