الجيوش مصر وهذه المواضع خاوية على عروشها وقد أقام النيل سبع سنين يمدّ وينزل فلا يجد من يزرع الأرض ، وقد بقي من أهل مصر بقايا يسيرة ضعيفة كاسفة البال وقد انقطعت عنها الطرق وخيفت السبل وبلغ الحال بهم إلى أن الرغيف الذي وزنه رطل من الخبز يباع في زقاق القناديل كبيع الطّرف في النداء بأربعة عشر درهما وبخمسة عشر درهما ويباع إردب القمح بثمانين دينارا ، ثم عرم ذلك وتزايد إلى أن أكلت الدوابّ والكلاب والقطاط ثم اشتدت الحال إلى أن أكل الرجال الرجال ولذلك سمي الزقاق الذي يحضره الغشم زقاق القتلى لما كان يقتل فيه ، وكان جماعة من العبيد الأقوياء قد سكنوا بيوتا قصيرة السقوف قريبة ممن يسعى في الطرقات ويطوف وقد أعدوا سكاكين وخطاطيف وهراوات ومجاذيف فإذا اجتاز أحد في الطريق رموا عليه الكلاليب وأشالوه إليهم في أقرب وقت وأسرع أمر ثم ضربوه بتلك الهراوات والأخشاب وشرحوا لحمه وشووه وأكلوه ، فلما دخل أمير الجيوش فسّح للناس والعسكر في عمارة المساكن مما خرّب فعمّروا بعضه وبقي بعضه على خرابه ، ثم اتفق في سنة ٥٦٤ نزول الأفرنج على القاهرة فأضرمت النار في مصر لئلا يملكها العدوّ إذ لم يكن لهم بها طاقة ، قال : ومن الدليل على دثور الخطط أنني سمعت الأمير تأييد الدولة تميم بن محمد المعروف بالصمصام يقول : حدثني القاضي أبو الحسن علي بن الحسين الخلعي يقول عن القاضي أبي عبد الله القضاعي انه قال : كان في مصر من المساجد ستة وثلاثون ألف مسجد وثمانية آلاف شارع مسلوك وألف ومائة وسبعون حمّاما ، وفي سنة ٥٧٢ قدم صلاح الدين يوسف بن أيوب من الشام بعد تملكه عليها إلى مصر وأمر ببناء سور على الفسطاط والقاهرة والقلعة التي على جبل المقطم فذرع دوره فكان تسعة وعشرين ألف ذراع وثلاثمائة ذراع بالذراع الهاشمي ، ولم يزل العمل فيه إلى أن مات صلاح الدين فبلغ دوره على هذا سبعة أميال ونصف الميل وهي فرسخان ونصف.
فَسْكَرَةُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وفتح الكاف ، وراء ، ويقال بالباء في أوله : وهو موضع أحسبه فارسيّا.
فِسِنْجانُ : بكسرتين ثم النون الساكنة ، والجيم ، وآخره نون أخرى : بلدة من نواحي فارس ، ينسب إليها أبو الفضل حمّاد بن مدرك بن حماد الفسنجاني ، حدّث عن أبي عمر الحوضي وغيره ، روى عنه محمد بن بدر الحمامي ، توفي سنة ٣٠١.
فَسِيلٌ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وياء ساكنة ، ولام ، حكى أبو عبيدة عن الأصمعي : أول ما يقلع من صغار النخل للغرس فهو الفسيل والوديّ ويجمع على فسائل ويقال للواحدة فسيلة ويجمع فسيلا ، وفسيل : اسم موضع في شعر جرير.
باب الفاء والشين وما يليهما
فَشَالُ : قرية كبيرة بينها وبين زبيد نصف يوم على وادي رمع ، وفشال أمّ قرى وادي رمع ، ينسب إليها شاعر يقال له مسرور الفشالي مجيد ، وهو القائل حدثني أبو الربيع سليمان بن عبد الله الرّيحاني قال : كان الفشالي مدح عمي المنتجب أبا علي الحسن بن علي بقصيدة وهو باليمن وعاد إلى مكة ونسي أن يصله فلما حصل بها ذكر ذلك فعظم عليه فأنفذ إليه صلته وهو بزبيد فكتب إليه بهذه الأبيات :
هذا هو الجود لا ما قيل في القدم |
|
عن ابن سعد وعن كعب وعن هرم |