ولا تقام فيه جمعة.
وأما جامع عمرو بن العاص فهو في مصر وهو العامر المسكون ، وكان عمرو بن العاص لما حاصر الحصن بالفسطاط نصب رايته بتلك المحلة فسميت محلة الراية إلى الآن ، وكان موضع هذا الجامع جبّانة ، حاز موضعه قيسبة بن كلثوم التجيبي ويكنى أبا عبد الرحمن ونزله ، فلما رجعوا من الإسكندرية سأل عمرو بن العاص قيسبة في منزله هذا أن يجعله مسجدا فتصدق به قيسبة على المسلمين واختط مع قومه بني سوم في تجيب فبني سنة ٢١ ، وكان طوله خمسين ذراعا في عرض ثلاثين ذراعا ، ويقال إنه وقف على إقامة قبلته ثمانون رجلا من الصحابة الكرام ، منهم الزبير بن العوّام والمقداد بن الأسود وعبادة ابن الصامت وابو الدرداء وأبو ذرّ الغفاري وغيرهم ، قيل إنها كانت مشرقة قليلا حتّى أعاد بناءها على ما هي اليوم قرّة بن شريك لما هدم المسجد في أيام الوليد بن عبد الملك وبناه ، ثم ولي مصر مسلمة بن مخلد الأنصاري صحابي من قبل معاوية سنة ٥٣ وبيّضه وزخرفه وزاد في أرجائه وأبّهته وكثّر مؤذّنيه ، ثم لما ولي مصر قرة بن شريك العبسي في سنة ٩٢ هدمه بأمر الوليد بن عبد الملك فزاد فيه ونمقه وحسّنه على عادة الوليد بن عبد الملك في بناء الجوامع ، ثم ولي صالح بن علي بن عبد الله بن العباس في أيام السفاح فزاد أيضا فيه ، وهو أول من ولي مصر من بني هاشم ، وذلك في سنة ١٣٣ ، ويقال إنه أدخل في الجامع دار الزبير بن العوّام ، ثم ولي موسى بن عيسى في أيام الرشيد في سنة ١٧٥ فزاد فيه أيضا ، ثم قدم عبد الله بن طاهر بن الحسين في أيام المأمون في سنة ٢١١ لقتال الخوارج ولما ظفر بهم ورجع أمر بالزيادة في الجامع فزيد فيه من غربيه ، وكان وروده إلى مصر في ربيع الأول وخروجه في رجب من هذه السنة ، ثم زاد فيه في أيام المعتصم أبو أيوب أحمد بن محمد بن شجاع ابن أخت أبي الوزير أحمد بن خالد ، وكان صاحب الخراج بمصر ، وذلك في سنة ٢٥٨ ، ثم وقع في الجامع حريق في سنة ٢٧٥ فهلك فيه أكثر زيادة عبد الله بن طاهر فأمر خمارويه بن أحمد بن طولون بعمارته وكتب اسمه عليه ، ثم زاد فيه أبو حفص عمر القاضي العباسي في رجب سنة ٣٣٦ ، ثم زاد فيه أبو بكر محمد بن عبد الله بن الخازن رواقا واحدا مقداره تسعة أذرع في سنة ٣٥٧ ومات قبل تتمتها فأتمها ابنه علي وفرغت في سنة ٣٥٨ ، ثم زاد فيه في أيام الوزير يعقوب بن يوسف بن كلس الفوّارة التي تحت قبة بيت المال وذلك في سنة ٣٧٨ وجدد الحاكم بياض مسجد الجامع وقلع ما كان عليه من الفسفس وبيّض مواضعه ، قال الشريف محمد بن أسعد ابن علي بن الحسن الجوّاني المعروف بابن النحوي في كتاب سماه النّقط لمعجم ما أشكل عليه من الخطط : وكان السبب في خراب الفسطاط وإخلاء الخطط حتى بقيت كالتلال أنه توالت في أيام المستنصر بن الظاهر بن الحاكم سبع سنين أولها سنة ٤٥٧ إلى سنة ٤٦٤ من الغلاء والوباء الذي أفنى أهلها وخرب دورها ثم ورد أمير الجيوش بدر الجمالي من الشام في سنة ٤٦٦ وقد عم الخراب جانبي الفسطاط الشرقي والغربي ، فأما الغربي فخرب الشرف منه ومن قنطرة خليج بني وائل مع عقبة يحصب إلى الشرف ومراد والعبسيين وحبشان وأعين والكلاع والالبوع والاكحول والرّبذ والقرافة ، ومن الشرقي الصدف وغافق وحضرموت والمقوقف والبقنق والعسكر إلى المنظر والمعافر بأجمعها إلى دار أبي قتيل وهو الكوم الذي شرقي عفصة الكبرى وهي سقاية ابن طولون ، فدخل أمير