وأمّا الوجه الثاني على إمكان العالم ، فلا نسلم أنّ وجود العالم زائد على ماهيته.
قوله : «نعقل الماهية ونشك في وجودها».
قلنا : ينتقض بما ذكرناه في زيادة الكائنية. وبأمرين آخرين :
النقض الأوّل : يمكننا أن نعقل ماهية الوجود مع الشكّ في حصوله في الأعيان ، فيكون للوجود وجود ويتسلسل.
لا يقال (١) : الشكّ في تحقّق الوجود في الأعيان بعد تصور ماهيته ليس شكا في ثبوت وجود آخر له ، بل في (٢) ثبوته للماهية وهو يقتضي المغايرة ، وهو المطلوب.
وأيضا الوجود وحده لا يعقل (٣) بالمعلومية ، بل لا بدّ وأن يتصور أوّلا ما يكون الوجود وجودا له ، فالوجود وحده لا يمكن الحكم عليه بالوجود واللاوجود ، بل المحكوم عليه بذلك الماهية.
لأنّا نقول : الأوّل : ضعيف ؛ لأنّ حصول الشيء للشيء إنّما يكون بعد حصوله في نفسه ، فالوجود ما لم (٤) يتحصل أوّلا لم يكن حاصلا لغيره ، وإذا كان كذلك ظهر الفرق بين حصول الوجود في نفسه وبين حصوله لغيره ، ونحن بعد تصوّر ماهية الوجود يمكننا الشكّ في حصوله في نفسه ، إذ لو كان نفس ماهية
__________________
(١) قال الرازي : «فإذن الشكّ في أنّ الوجود هل هو ثابت ليس شكا في ثبوت وجود آخر له بل هو شكّ في أنّه هل هو ثابت لماهيّته أم لا؟ وذلك يقتضي أن يكون مغايرا لذلك الأمر الذي هو ثابت له ، وهذا هو الذي تمسكنا به ابتداء في إثبات هذا المطلوب». المباحث المشرقية ١ : ١١٦. وأجاب عليه في نهاية العقول.
(٢) ق : «هو في».
(٣) نهاية العقول : «يستقل».
(٤) ق : «لا» بدل «ما لم» ، وهو خطأ.