الوجود هي نفس تحصلها في الأعيان ، وكون الماهيات ماهيات أمور ممتنعة التبدل ، فحينئذ يكون كون الوجود حاصلا في الأعيان أمرا ممتنعا عن الزوال (١) لما هو هو فيكون كلّ واحد من الوجودين واجبا لذاته ، وهو يبطل ما ذكرتموه.
والثاني : ضعيف أيضا ، لأنّ الوجود الذي للسواد إمّا أن تكون ماهيته ممتازة عن ماهية السواد ، فيستقيم الالزام ؛ لأنّ تلك الماهية إن كانت محصلة في الخارج كان للوجود وجود آخر ويتسلسل ، وإن لم تكن محصلة كان وجود الموجود معدوما ، فيكون الموجود معدوما. وإن لم يكن وجود السواد ممتازا في ماهيته عن ماهية السواد كان وجود السواد نفس السواد ، وهو يناقض أنّ الوجود زائد.
النقض الثاني : يمكننا أن نعقل حقيقة الله تعالى مع الذهول عن وجوده ، فيكون وجوده زائدا على حقيقته ، وهو باطل عندكم. (٢)
قوله في الوجه الثاني على زيادة الوجود : «الماهيات مشتركة في الوجود» (٣) ممنوع.
قوله : «اعتقاد الوجود باق عند تبدل اعتقاد الخصوصيات». (٤)
قلنا : ينتقض بالماهية ، فإنّا إذا اعتقدنا ماهية فانّ ذلك الاعتقاد لا يتبدل عند تبدل اعتقاد كونها جوهرا أو عرضا ، فيكون كون الماهية ماهية وصفا زائدا على حقيقتها وتكون مشتركا فيه بين الماهيات ، وهو باطل لوجهين :
الأوّل : ماهية الشيء متحقّقة عند فرض قطع النظر عن جميع صفاتها ، فلو كان كون الماهية ماهية صفة له لزم أن لا تبقى الماهية عند فرض زوال تلك الصفة ، وهو محال ؛ لأنّ تحقّق الصفات متوقف على تحقّق الموصوف ، فلو توقف
__________________
(١) نهاية العقول : «التبدل».
(٢) لقولكم : إنّ كلّ ما كان كذلك فهو ممكن محدث.
(٣) و (٤) مرّ في ص ٩٧ ـ ٩٨.