خصوصية وتعين ، ولا معنى للوجود (١) إلّا ذلك فيكون كلّ من السلوب وجوديا ، وهو محال. وإذا تساوت السلوب في مفهوم السلبية وجب أن يقابلها ثبوت عام ، وإلّا لم يكن المقابل لذلك السلب العام ثبوتا عاما واحدا بل أمورا كثيرة ، وذلك يبطل انحصار القسمة في الطرفين.
لأنّا نقول : إنّكم تصفون السلوب بالكثرة والعدد (٢) ، ثمّ مع ذلك لا يلزم كونها ثبوتية ، فلم لا يجوز وصفها بالكثرة النوعية وإن لم تكن ثبوتية؟
ولأنّ قولهم : السلوب لا اختلاف فيها كاذب ، فإنّ عدم العلّة والشرط يقتضيان عدم المعلول والمشروط ، وعدم غيرهما لا يقتضيه ، وعدم الضدّ مصحح لوجود الضدّ بخلاف غيره ، فلولا اختلاف السلوب وإلّا لما كان كذلك.
ولأنّ هذا الوجود الذي جعلتموه مقابلا للعدم المطلق إن كان من قسم الثبوت فقد شارك غيره من الأمور الثابتة في مطلق الثبوت ويمتاز عنها بخصوصيته التي له ، فله ثبوت آخر ويتسلسل. وإن كان من قسم العدم المطلق كان وجود الوجود (٣) معدوما ، وذلك متناقض. وإن خرج عن القسمين بطل دليلكم من أنّه لا واسطة بين النقيضين.
قوله في الثالث (٤) : «الوجود مورد التقسيم بالواجب والممكن».
قلنا : إن عنيتم به أنّ حقيقة كلّ واحد من الأشياء يمكن أن يقال بأنّ كونه تلك الحقيقة إمّا أن يكون من الواجبات أو من الممكنات ، فصحيح ولكنه يكون مورد التقسيم في كلّ شيء حقيقته المخصوصة. وإن عنيتم به أنّ هنا ثبوتا عاما
__________________
(١) نهاية العقول : «للموجود».
(٢) نهاية العقول : «بالكثرة العددية».
(٣) نهاية العقول : «الموجود».
(٤) أي في الدليل الثالث على اشتراك الوجود المذكور في الوجه الثاني ، ص ٩٨.