الزمان موجودا حال ما فرض معدوما هذا خلف. وباقي الوجوه الدالة على أزلية الزمان السابقة (١) تدلّ على أبديته.
الخامس : لو أمكن عدم العالم لكان إمكان (٢) عدمه سابقا على عدمه ولا بدّ لذلك الإمكان من محل ، أي من شيء يحكم عليه بأنّه ممكن الاتصاف بذلك العدم ، وليس هو وجود ذلك الشيء ، لأنّ الذي يمكن اتصافه بالشيء لا بدّ وأن يكون باقيا مع ذلك الشيء ووجود الشيء لا يتقرر مع عدمه ، فإذن لا بدّ من شيء آخر يقوم به إمكان عدمه وذلك هو الهيولى ، فإذن كلّ ما يصحّ عليه العدم فله هيولى فلو صحّ العدم على الهيولى لافتقرت إلى هيولى أخرى لا إلى نهاية وهو محال ، فالهيولى لا تقبل العدم. ثمّ ثبت أنّ الهيولى لا تخلو عن الصورة الجسمية ، فإذن عدم الجسم محال. ولأنّه لو أمكن عدمه لكان بعد عدمه ممكن الوجود ، وإلّا لزم انقلاب الممكن ممتنعا هذا خلف ، ولذلك الإمكان محلّ هو الهيولى.
السادس : أنّه سيأتي (٣) بيان امتناع الخرق على الأفلاك فلا يجوز عليها العدم.
السابع : (٤) سيأتي (٥) أن الفلك متحرك على الاستدارة وأنّ كلّ متحرك على الاستدارة لا يقبل الحركة على الاستقامة فلا يقبل الفساد. (٦)
__________________
(١) في المسألة الثالثة في إبطال شبه الفلاسفة.
(٢) ق : «إمكان» حذف سهوا.
(٣) في ص ٢٣٥ (المسألة الخامسة في جواز الخرق على الأفلاك).
(٤) استدل به برقلس كما في الملل والنحل للشهرستاني (شبه برقلس في قدم العالم).
(٥) في ص ٢٣٨.
(٦) قال الشيخ ابن سينا : «إنّ بعض هذه البسائط. [وهي الأجزاء الأوّلية للعالم] لا يقبل الكون والفساد ، وهي البسائط التي في جواهرها مبادئ حركات مستديرة ... انّ الأجسام التي في طباعها أن تقبل الكون والفساد في طباعها أن تتحرك على الاستقامة». الفصل الأوّل من الفن الثالث من طبيعيات الشفاء : ٧٧ ـ ٧٨.