قوله : «إنّه يلزم الدور».
قلنا : جاز أن يكون الجوهر والعرض متلازمين (١) ، وإن لم يكن لأحدهما حاجة إلى الآخر ، كالمضافين ومعلولي العلّة الواحدة ، فإذا لم يوجد أحد المتلازمين وجب أن يعدم الآخر.
قال أفضل المحقّقين : «مذهب الكرامية : أنّ العالم محدث وممتنع الفناء وإليه ذهب الجاحظ. وقالت الأشعرية وأبو علي الجبائي بجواز إفناء العالم عقلا. وقال أبو هاشم : إنّما يعرف ذلك بالسمع. ثمّ إنّ الأشعرية قالوا : إنّه يفنى لأنّ الله تعالى لا يخلق الأعراض التي تحتاج الجواهر إلى وجودها. أمّا القاضي أبو بكر فقال في بعض المواضع : إنّ تلك الأعراض هي الأكوان. وقال في بعض المواضع : إنّ الفاعل المختار يفنيه (٢) بلا واسطة ، وهو مذهب محمود الخياط. وقال القاضي في موضع آخر : إنّ الجوهر يحتاج إلى نوع من كلّ جنس من أجناس الأعراض فإذا لم يخلق الله تعالى أيّ نوع كان عدم الجوهر. وقال الجويني مثل ذلك. وقال بعضهم : إذا لم يخلق الله تعالى البقاء وهو عرض عدم الجوهر ، وبه قال الكعبي. وقال أبو الهذيل : كما أنّه قال له «كن» فكان كذا يقول له «افن» فيفنى. وقال أبو علي وأبو هاشم انّه تعالى يخلق الفناء وهو عرض فيفنى جميع الأجسام ، وهو لا يبقى (٣). وأبو علي يقول : إنّه يخلق لكلّ جوهر فناء ، والباقون قالوا : بل فناء واحد يكفي لافناء الكل. فهذه مذاهبهم.
وقوله في الدليل : «إنّ الاعدام باطل ، لأنّه لا فرق بين أن يقال : لم يفعل البتة وبين أن يقال : فعل العدم» ، ليس بشيء للفرق بينهما في بديهة النظر ، فانّ القول
__________________
(١) في النسخ : «متلازمان» ، أصلحناها طبقا للسياق.
(٢) في المصدر : «يفنى».
(٣) ويفنى لذاته. أنوار الملكوت : ٤٢.