بأنّه لم يفعل حكم بالاستمرار على ما كان وبعدم صدور شيء من الفاعل (١) ، والقول بأن فعل العدم حكم بتجدد العدم بعد أن لم يكن وبصدوره عن فاعله ، وتمايز العدمين يكون بانتسابهما إلى وجودين أو بانتساب أحدهما دون الآخر.
وقوله في الجواب : «إنّ هذا يقتضي أن لا يعدم شيء البتة» ، ليس بجواب ، إنّما هو زيادة الإشكال وتأكيد لقول من يقول : الانعدام غير ممكن إلّا بطريان الضد أو انتفاء الشرط ، وهو مذهب أكثر المتكلّمين.
وأمّا إبطال الاعدام بطريان الضد فجواب الوجه الأوّل وهو إلزام الدور كما ذكره ، وهو أنّ عدم الباقي معلول الحادث.
وقولهم : «إنّ الحادث لا يكون أقوى من الباقي بكونه متعلّق السبب لأنّ الباقي حال البقاء أيضا متعلق السبب» ، ليس بصحيح ، لأنّ الباقي عند قدماء المتكلّمين مستغن عن السبب. وأمّا عند القائلين بأنّه محتاج إلى سبب مبق فجوابهم أنّ الموجد أقوى من المبقي ، لأنّ الايجاد اعطاء الوجود الذي لم يكن أصلا والتبقية حفظ الوجود الحاصل ، ولكونه أقوى فيرجح الحادث ويعدم المرجوح.
وايراد الاعتراض بأنّ الحادث لو عدم بسبب الباقي حال الحدوث لكان موجودا معدوما معا ، وهو محال ، والباقي لو عدم بسبب الحادث ما لزم منه محال.
ثمّ الجواب ـ بأنّ الباقي يمنع الحادث عن أن يصير موجودا ، ولا يلزم منه محال ـ ليس بمرضيّ ، فانّ الباقي لو كان بحيث يمنع لكان أقوى ، وليس كذلك.
__________________
(١) فهو ترك الفعل وليس فعلا. قال الطوسي في تجريد الاعتقاد : «وانتفاء الفعل ليس فعل الضد». كشف المراد : ٢٨٣. وقال المصنف : «فانّ الأعدام يستند إلى الفاعل كما يستند الوجود إليه. والامتياز واقع بين نفي الفعل وفعل العدم». كشف المراد : ٤٠١.