ما يتعلّق بالآخر ليس بمعقول ، فإنّ ذلك يكون مصاحبة اتفاقية ، وهي لا تقتضي امتناع الانفكاك.
وإيراد المثال بالمتضايفين (١) على الوجه المشهور ، غير صحيح ؛ فإنّ إضافة كلّ واحد منهما محتاجة في الوجود إلى ذات الآخر لا إلى إضافة ، ومعلولا علّة واحدة يحتاج كلّ منهما إلى علّة الآخر ، فليس فيهما عدم الاحتياج مطلقا من غير لزوم الدور». (٢)
وفيه نظر ، فانّ الفرق الذي ذكره بين قولنا : ما فعل وبين قولنا : فعل العدم ، وإن كان ظاهرا لكن ليس المقصود ما ذكره ، بل القصد أنّه في كلا الحالين لم يصدر عنه شيء وما حصل بواسطة الفعل ثبوت شيء ولا تحقّقه ، ولمّا لم يكن العدم فعلا كان فعله ليس فعلا في الحقيقة.
والجواب بأنّه يقتضي أن لا يعدم شيء ، صحيح (٣) ؛ لأنّ الحكم الضروري لا يرتفع بالشبه ، فإذا أورد المشكك شبهة تدل على رفع حكم ضروري ، علمنا على سبيل الإجمال أنّ هذه الحجّة باطلة علما ضروريا وإن عجزنا عن وجه الغلط فيها. ولمّا كان العلم الضروري ثابتا لنا بأنّ الاعدام متحقّق ، كانت الشبهة الرافعة له باطلة عند العقل. وهذا جواب صحيح لا مدفع له.
قوله : «الموجد أقوى من المبقى».
قلنا : متى إذا خلى عن المبقي العارض له أو إذا لم يخل؟ م ع. (٤)
__________________
(١) في النسخ : «بالمتضادين» ، وما أثبتناه من المصدر.
(٢) انتهى كلام أفضل المحقّقين في نقد المحصل : ٢٢٢ ـ ٢٢٤.
(٣) دافع المصنّف عن هذا الجواب في أنوار الملكوت هكذا : «إنّ الجواب بالمعارضة إنّما هو بانسحاب كلام الخصم فيما علم بطلانه بالضرورة فيكون باطلا وليس فيه زيادة شكّ بل هو إبطال كلام الخصم». ص ٤٦.
(٤) لعلّ المراد من «م» أنّ صورة الخلو عن المبقي العارض له ، مسلم. ومن «ع» أنّ صورة عدم الخلو ، ممنوع.