على الاثنين ، وهو ثابت هنا بالاتفاق ؛ لأنّ العالم ممكن وكلّ ممكن فله لذاته لا استحقاقية الوجود وله من غيره الوجود ، وما بالذات أقدم ممّا بالغير. فإذن كونه غير مستحق للوجود أقدم من الوجود تقدما بالطبع ، ومعلوم أنّ ذلك متّفق عليه بين الكل.
القسم الثالث : التقدم بالشرف ، وهو منفي بالاتفاق.
القسم الرابع : التقدّم بالمكان ، وهو منفي هنا اتّفاقا.
ثمّ لو سلّم التقدم بأحد هذه الوجوه الأربعة ، فانّه ليس فيه ما يقتضي الحدوث الذي يريدونه.
القسم الخامس : التقدّم بالزمان (١) ، وليس محض العدم والوجود ؛ لأنّ العدم قد يحصل بعد الوجود ، والشيء بهذا الاعتبار لا يكون حادثا ، بل إنّما يكون حادثا لأنّ وجوده بعد العدم وعدمه قبل الوجود ، وتلك القبلية أمر زائد على ذات العدم ، ولا محالة قبل كلّ قبلية قبلية أخرى ، فهنا قبليات لا بداية لها ، ولا معنى للزمان (٢) إلّا ما تلحقه القبلية والبعدية لذاته ، فإذن لا أوّل للزمان. فإذن تفسير حدوث العالم بتقدّم عدمه عليه يقتضي قدم الزمان ، فلزم من تفسير حدوث العالم بهذا التفسير قدمه.
وأمّا إن فسّرتم حدوث العالم بكونه مسبوقا بالغير ، فنقول : إن أردتم بذلك أنّ للعالم شيئا يتقدمه بالعلية أو بالطبع أو بالشرف فذلك مسلّم ، لكن لا يقتضي الحدوث الذي تريدونه. والتقدم بالمكان منفي اتفاقا ، لاستحالة المكان على الله تعالى. وبتقدير الثبوت لا يحصل مقصودكم.
بقي التقدم بالزمان وهو باطل. وبتقدير ثبوته يوجب القدم. أمّا بطلانه ،
__________________
(١) راجع المباحث المشرقية ١ : ٧٧٢ وما يليها.
(٢) نهاية العقول : «بالزمان».