حدّها : إنّها كمال أوّل لما بالقوة من جهة ما هو بالقوة. (١) هذا تفسير أرسطو.
واعترض عليه بوجوه : (٢)
الاعتراض الأوّل : تعريف الشيء بما هو أخفى منه ، فانّ كلّ أحد يتصور ماهية الحركة ويفرّق بينها وبين السكون ويميز بين كون الجسم متحركا وبين كونه ساكنا ، وما ذكر تموه في التعريف لا يفهمه إلّا الأذكياء.
الاعتراض الثاني : الكمال الأوّل لا يفرض إلّا لما يكون حدوثه على التدريج ، وسيأتي بطلانه. (٣)
الاعتراض الثالث : هب أنّ الحدوث يسيرا يسيرا غير ممتنع ، لكن الكمال الأوّل ممّا لا يمكن تصوّر ثبوته إلّا في الشيء الذي يفرض حدوثه على سبيل التدريج فإن كان تصوّر الحدوث على التدريج متوقفا على تصور الحركة على ما يعتقد أصحاب أرسطو ، فقد فسد هذا التعريف. وإن لم يكن متوقفا عليه كان تعريف الحركة ابتداء بأنّها الحدوث على التدريج أولى من هذه التطويلات.
__________________
(١) توضيحه : أنّ الجسم المتمكّن في مكان مثلا إذا قصد التمكن في مكان آخر ترك المكان الأوّل بالشروع في السلوك إلى المكان الثاني حتى يتمكن فيه. فللجسم وهو في المكان الأوّل ، كمالان هو بالنسبة إليهما بالقوة. وهما السلوك الذي هو كمال الأوّل والتمكن في المكان الثاني الذي هو كمال ثان. فالحركة وهي السلوك ، كمال أوّل للجسم الذي هو بالقوة بالنسبة إلى الكمالين ، لكن لا مطلقا بل من حيث إنّه بالقوة بالنسبة إلى الكمال الثاني ، لأنّ السلوك متعلّق الوجود به. راجع العلامة الطباطبائي ، نهاية الحكمة : ٢٠١. وانظر هذا التعريف في الفصل الأوّل من المقالة الثانية من الفن الأول من طبيعيات الشفاء ؛ رسالة الحدود لابن سينا ؛ الآمدي ، المبين ؛ العلوم الطبيعية في فلسفة ابن رشد : ١٢٩ ؛ التحصيل : ٤٢١ (الفصل الثاني عشر من المقالة الثانية من علم ما بعد الطبيعة) ؛ إيضاح المقاصد من حكمة عين القواعد : ٢٧٣.
(٢) راجع الملخص للرازي كما في شرح المواقف ٦ : ١٩٥ ؛ شرح المقاصد ٢ : ٤١١.
(٣) بعد قليل في : البحث الثاني في إمكان الحصول التدريجي.