والنفوذ بالحركة ، وكلّ حركة منقسمة فكلّ آن يفرض النفوذ فيه حاصل يكون قد حصل (١) قبله فتكون الزيادة حاصلة قبل ذلك. (٢) وإن حصلت الزيادة بعد الانصداع فهو محال لوجهين :
الوجه الأوّل : الإناء إذا امتلأ بشيء لم يتسع لمالئ آخر حتى يثقبه ويشقه.
الوجه الثاني : إذا كان الانشقاق بسبب زيادة وقد حصلت قبله وجب أن يحصل الانشقاق قبل أن يحصل الانشقاق ، وهو محال. إلّا أن يقال : دخل شيء وخرج مثله فيكون الحجم في مقطع بحاله لم يزدد إلى وقت الانشقاق ، لكن يعود الإشكال بعينه في القدر الذي لما دخل لم يخرج مثله. وحيث بطلت هذه الأقسام ثبت أنّ الانشقاق إنّما عرض لانبساط الحجم الذي فيه وازدياده لا بمداخلة جسم آخر فيه ، بل بواسطة سخونة الموجبة لانتشار حجمه وزيادة مقداره ، وهو المطلوب.
واعترض على الأوّل والثاني بأنّه يلزم منه أن تصير العناصر بأجمعها على قدر الذرة ، وأن تصير الذرة على مقدار العناصر بجملتها ، والضرورة قاضية ببطلانه. وأن يجوز التخلخل والتكاثف على الأفلاك.
وقد فرق بينهما بأنّ الجزء ما دام يكون جزءا للكل امتنع قبوله لمقدار الكلّ ، وإذا انفصل أمكن أن يتصف بذلك المقدار ، والفلك يستحيل عليه الانفصال ، وإذا استحال أن ينفصل جزؤه عنه امتنع أن يقبل جزؤه مقدار كله ، وليس جسم آخر غير الفلك تساوي طبيعته طبيعة الفلك حتى يقبل الصغير منه مقدار الفلك. والعناصر يجوز عليه الانفصال ويوجد أيضا جسم غيره على طبيعته
__________________
(١) ق : «حصلت».
(٢) كذا ، والعبارة في المباحث هكذا : «وكلّ حركة منقسمة فلا يفرض آن في زمان النفوذ إلّا وقد كانت الزيادة حاصلة قبل ذلك.» ١ : ٦٩٠.