ولأنّ الأثر لو احتاج حال البقاء ، فالمؤثر إن لم يكن له أثر كان ذلك الأثر في ذلك الوجود غنيا عن المؤثر. وإن كان له أثر ، فإن كان الوجود الأوّل لزم تحصيل الحاصل ، وإن كان غيره لزم وجود الشيء مرتين. ولو سلّم فالمحتاج المتجدد لا الأوّل ، فلا يكون الباقي محتاجا ، فجهة الحاجة الحدوث (١). فما لم تبيّنوا أنّ الذي يصحّ عدمه يجب أن يكون حادثا ، لا يمكنكم إثبات حاجته إلى المؤثر ، ولو بينتموه استغنيتم عن هذه الحجة (٢).
سلّمنا أنّه لا بدّ من سبب ، فلم لا يجوز أن يكون موجبا؟
قوله : «يلزم من امتناع عدم الواجب امتناع عدمه».
قلنا : إذا جاز أن يتخلف الأثر عن القادر مع حصول جميع جهات المؤثرية ، فلم لا يتخلف عن الموجب؟
سلمنا أنّه لا يكون موجبا ، فجاز أن يكون مختارا.
قوله : «كلّ فعل للمختار حادث».
قلنا : ما الدليل عليه؟ وتدل على بطلانه وجوه (٣) :
الأوّل : العدم السابق ينافي وجود الفعل وفاعلية الفاعل ، فلا يكون شرطا لهما (٤).
__________________
(١) راجع شرح الإشارات ٣ : ٦٨ ـ ٦٩ ؛ المطالب العالية ٤ : ١٩٢ و ٢٣١.
(٢) قال الرازي بعد هذه العبارة في نهاية العقول : «ثمّ هنا وجوه كثيرة تدلّ على أنّ الإمكان لا يجوز أن يكون علّة للحاجة ، سيأتي ذكرها في باب إثبات العلم بالصانع تعالى».
(٣) أنظر تفصيل الوجوه في المطالب العالية ٤ : ٢٣٢ ـ ٢٣٩. راجع أيضا المصدر نفسه : ٢٧٢.
(٤) فالعدم السابق لا يكون شرطا لكون الفعل فعلا ولا لكون الفاعل فاعلا ، فإذن الفعلية والفاعلية قد يتحقّقان عند عدم العدم السابق ، فإذن لا يجب أن يكون فعل المختار حادثا. راجع نهاية العقول.