الواحد لا يمكن أن يكون علّة للوصول إلى حدّ معيّن وللمفارقة عنه ، فالآن الذي حدث فيه الميل الثاني لا يمكن أن يكون هو الآن الذي كان الميل الأوّل موصلا ، لامتناع أن يكون للجسم الواحد في آن واحد ميلان مختلفان يقتضيان التوجه في الآن الواحد إلى جهتين مختلفتين ، بل هو آن آخر غير الآن الأوّل ولا يمكن تعاقبهما ، فبين الآنين زمان يكون الجسم فيه ساكنا ، إذ لا ميل له عن ذلك المكان ولا إليه ، لوجوده فيه.
وهذه الحجّة مبنية على إثبات الميل وكونه آنيا وامتناع اجتماع الميلين ، وتلك مقدمات سلف البحث فيها.
وأشكل على ذلك أيضا بأنّ هذه الحجّة لا تتمشّى في الكم والكيف ، لأنّ تلك الحركات غنية عن الميول وهذه الحجّة إنّما تتم بإثبات الميل.
وأيضا لو فرضنا كرة مركبة على دولاب دائر وفوقها سطح بسيط يلقاها عند الصعود فانّها تماس ذلك السطح بنقطة ولا توجد تلك المماسة إلّا آنا واحدا ولا يحتاج إلى آن آخر تقع فيه اللامماسة ، فكذا هنا.
وأجيب بأنّ اللامماسة حاصلة في كلّ الزمان الذي طرفه آن المماسة ، فأمّا الميل الثاني فانّه يكون حدوثه في آن غير الآن الأوّل ، فلا بدّ هنا من اعتبار الآنين ولا محالة بينهما زمان.
ثمّ لو ثبت أنّ طرف زمان اللامماسة غير آن المماسة حكمنا بوجوب توقّف الدولاب عند تلك المماسة ، وأيّ مانع يمنع منه؟
ولا شكّ في أنّ هذا التجويز في غاية البعد.
احتج افلاطن (١). بوجهين :
__________________
(١) قال أفلاطن : من توهم أنّ بين حركة الحجر علوا المستكرهة بالتحليق وبين انحطاطه وقفة ، فقد أخطأ. وإنّما تضعف القوة المستكرهة له وتقوى قوة ثقله فتصغر الحركة وتخفى حركته على الطرف فيتوهم أنّه ساكن. المعتبر في الحكمة ٢ : ٩٤.