الوجه الأوّل : لو وقف الحجر بين حركتين لما كان رجوعه دائما ولا أكثريا ، والتالي باطل بالضرورة ، فالمقدّم مثله.
بيان الشرطية : أن الحجر لو وقف بين حركتيه الصاعدة والهابطة ولا شكّ في بقاء طبيعته المقتضية للهبوط ، وإلّا لم يهبط لعدم علّته فتتم الشرطية ، فتلك الطبيعة إمّا أن يكون لها ما يعاوقها عن مقتضاها أو لا يكون. فإن لم يكن وجب الهبوط لوجود المقتضي السالم عن معارضة العائق فلا يجب الوقوف وإلّا لم يجب وجود المعلول عند وجود علّته التامة ، فكان لا يجب الهبوط أيضا فتتم الشرطية. وإن كان لها معاوق يمنعها عن الهبوط فذلك المعاوق إمّا أن يكون محركا للجسم إلى جهة أو لا يكون. فإن كان فتلك الجهة غير الجهة التي تحركها الطبيعة إليها ، وإلّا كان معاونا للطبيعة على فعلها لا معاوقا لها عنه ، وكان لا يجب الوقوف لوجود المقتضي للهبوط السالم عن المعاوق المعتضد بالمعاون. ثمّ ذلك المحرك إن كان أقوى من الطبيعة كانت الحركة القسرية حاصلة فلا وقوف حينئذ. وإن كان أضعف كانت الحركة الطبيعية حاصلة لأنّها أقوى ، وإنّما تكون أقوى لو ظهر أثرها دون أثر الأضعف ، فلا وقوف. وإن تساويا وجب السكون ، لأنّ كلا من القوة الطبيعية والغريبة العائقة غير قاهر لصاحبه فيحصل الوقوف لعدم الترجيح من غير مرجّح. وهذا هو الذي جعله الشيخ علّة لهذا السكون في أحد جوانبه.
إذا تقرّر هذا فنقول : ذلك القدر من القوّة إن لم يعدم لم تجب الحركة إلى أسفل فتتم الشرطية. وإن عدم فإمّا لذاته وهو محال وإلّا امتنع حصوله فلا يجب الوقوف. وإمّا أن يعدم بسبب وليس سبب الإعدام هو القوّة الطبيعية ، ولا الجسم الحامل لها ، ولا شيئا وجد فيه ، وإلّا لما وجد هذا العائق فلا يجب الوقوف ، فلم يبق السبب إلّا أمرا خارجيا ، والسبب الضعيف (١) للميل الغريب هو مصادمة الهواء
__________________
(١) في المباحث : «المضعف».