قلنا : تعنون به أنّه واجب الحصول عند كلّ واحد من آحاده ، أو عند حصول مجموع آحاده. والأوّل فاسد ، فانّ العشرة لا تجب عند حصول كلّ واحد من آحادها. والثاني فاسد ، لأنّ مجموع الحوادث ليس إلّا جملة آحاده على الاجتماع. والقول بتعليل حصول الشيء عند حصول غيره يستدعي التغاير ، فإذا انتفى التغاير بطل التعليل.
سلّمنا حصول التغاير ، لكن المجموع لمّا كان محتاجا إلى هذه الأشياء المتأخرة في وجودها (١) عن الباري وجب أن يكون هو أيضا متأخرا عنه.
قوله على الرابع : «وصف الشيء بالزيادة والنقصان [يستدعي وجود ذلك الشيء]» (٢) ، مع أنّ أجزاء الزمان بمجموعها قط لا توجد في شيء من الأوقات. فإذا اعترفتم باحتماله للزيادة والنقصان عند ما حاولتم إثباته ، فكيف منعتم من وصفه بهما عند ما حاولنا إثبات تناهيه؟ وعلى أنّ هنا طريقة أخرى ، وهي أن نقدّر انّه حصل في كلّ دورة من الدورات الماضية شيء وبقي ذلك الشيء إلى الآن ، كما يقوله الفلاسفة في النفوس الناطقة ، فمجموع النفوس الحاصلة في هذا اليوم محتملة للزيادة والنقصان فتكون متناهية ويلزم من تناهيها تناهي الدورات الماضية ، ويحصل المقصود.
قوله (٣) : «لا بداية للصحة الماضية والزمان الماضي المقدّر ولا نهاية للصحّة في المستقبل».
قلنا : قد بيّنا أنّ الصّحة ليست وجودية ، وكذا الزمان المقدر والصحّة المستقبلة ، فلا يمكن وصفها بالزيادة والنقصان ، لما ذكرتم من أنّ ما لا يكون
__________________
(١) في النسخ : «وجوده» ، أصلحناها طبقا للسياق.
(٢) أضفناها طبقا للمعنى ولما مرّ في ص ٥٠ ـ ٥١.
(٣) مرّ في ص ٥١.