الوجود لكونه جزءا.
ولكان الباري تعالى مركّبا ، فيكون ممكنا. (١)
ولكان للوجود وجود آخر ؛ لأنّ الفصل مقوّم للجنس في وجوده.
ولانّ الوجود إن افتقرت طبيعته إلى المحل وهو جزء الجوهر فالجوهر مفتقر إلى المحل فيكون عرضا ، وإلّا كان العرض غنيا عن المحل لكون جزئه غنيا ، وهذه الملازمة ممنوعة.
ولأنّه مقول بالتشكيك ، ولا شيء من الجنس كذلك ، لأنّ ما به التفاوت إن كان معتبرا في تحقّق الماهية امتنع تحقّقها بدونه ، وإلّا لم يكن جزءا ، وبتقدير صحّته لا يقدح في المطلوب ؛ لأنّ الماهية وإن كانت مركّبة من الوجود وما به الامتياز إلّا أنّ الوجود خارج عمّا به الامتياز ، وهو كاف في بيان الإمكان.
ولأنّا ندرك تفرقة بين الجوهر موجود وبين الجوهر جوهر ، فالوجود زائد (٢) ، فهو إن استقل بذاته ولم يعرض لغيره لم يكن شيء من الوجودات عارضا لماهية ، فإمّا أن لا تكون ماهية ما موجودة البتة أو يكون وجودها عينها. وإن كان عارضا للمحل توقف تحققه عليه فيكون ممكنا فله مؤثر ، فإن كان نفس ماهيات الممكنات لزم التسلسل ؛ لأنّ الشيء إنّما يكون سببا لو كان موجودا ، فلو كانت ماهية علّة لوجودها كان لها وجود سابق ويتسلسل ، وبتقدير صحّته فالمقصود حاصل ، لأنّه إن كان هناك وجود لا واسطة بينه وبين الماهية لم يكن تأثير الماهية في ذلك الوجود بواسطة وجود آخر ، فيكون المؤثر في الوجود غير موجود ، وإن لم يكن كان ذلك
__________________
(١) قال المصنف : «وفيه نظر ؛ لأنّ البحث ليس إلّا في الوجود الممكن». المجلد الأوّل ، ص ٤١.
(٢) قال الرازي في الاستدلال على زيادة الوجود على ماهيات الممكنات : «لو كان الوجود نفس الماهية لكان قول القائل الجوهر موجود مثل قوله الجوهر جوهر ، وبالجملة لا يكون الحمل والوضع هاهنا إلّا في اللفظ ، ولما لم يكن كذلك علمنا أنّ الوجود مغاير للجوهرية». المباحث المشرقية ١ : ١١٢.