ففقدناه أيّاما ، ثمّ وجدناه في بيت وهو عريان وقد نفد ما عنده. فجمعنا له الدّراهم وكسوناه (١).
وقال عبد الرحمن [بن محمد البخاري] (٢) : سمعت محمد بن إسماعيل يقول : لقيت أكثر من ألف رجل ، أهل الحجاز ، والعراق ، والشّام ، ومصر ، وخراسان ، إلى أن قال : فما رأيت واحدا منهم يختلف في هذه الأشياء : إنّ الدّين قول وعمل ، وأنّ القرآن كلام الله (٣).
وقال محمد بن أبي حاتم : سمعته يقول : دخلت أصبهان مرّات ، كلّ ذلك أجالس أحمد بن حنبل ، فقال لي آخر ما ودّعته : يا أبا عبد الله تترك العلم والنّاس وتصير إلى خراسان؟! فأنا الآن أذكر قول أحمد (٤).
وقال أبو بكر الأعين : كتبت عن البخاريّ على باب محمد بن يوسف الفريابيّ وما في وجهه شعرة.
وقال محمد بن أبي حاتم ورّاق البخاريّ : سمعت حاشد بن إسماعيل وآخر يقولان : كان البخاريّ يختلف معنا إلى السّماع وهو غلام ، فلا يكتب ، حتّى أتى على ذلك أيّام. فكنّا نقول له ، فقال : إنّكما قد أكثرتما عليّ ، فاعرضا عليّ ما كتبتما.
فأخرجنا إليه ما كان عندنا ، فزاد على خمسة عشر ألف حديث ، فقرأها كلّها عن ظهر قلب حتّى جعلنا نحكم كتبنا من حفظه.
ثمّ قال : أترون أنّي أختلف هدرا وأضيّع أيّامي؟! فعرفنا أنّه لا يتقدّمه أحد (٥).
قالا : فكان أهل المعرفة يعدون خلفه في طلب الحديث وهو شابّ حتّى يغلبوه على نفسه ويجلسوه في بعض الطّريق ، فيجتمع عليه ألوف أكثر هم ممّن
__________________
(١) تاريخ بغداد ٢ / ١٣ وزاد : ثم اندفع معنا في كتابة الحديث.
(٢) في الأصل بياض ، والمستدرك من : سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٠٧.
(٣) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٠٧ ، ٤٠٨.
(٤) طبقات الحنابلة ١ / ٢٧٧ ، تاريخ بغداد ٢ / ٢٢ ، ٢٣ ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٢ / ٢١٧ ، سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٠٣.
(٥) تاريخ بغداد ٢ / ١٤ ، ١٥ ، طبقات الحنابلة ٢٧٦ ، ٢٧٧ ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٢ / ٢١٧ ، سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٠٨ ، مقدّمة فتح الباري ٤٧٩.