إلّا لقساوة القلوب ، وما قست القلوب إلّا لكثرة الذّنوب ، وما كثرت الذّنوب إلّا من كثرة العيوب.
قلت : وما كثرت العيوب إلّا من الاغترار بعلّام الغيوب.
وعن يحيى بن معاذ قال : إلهي ما أكرمك إن كانت الطّاعات فأنت اليوم تبذلها وغدا تقبلها ، وإن كانت الذّنوب فأنت اليوم تسترها ، وغدا تغفرها.
وعنه قال : لا تطلب العلم رياء ولا تتركه حياء (١).
وعنه قال : لو لم يكن العفو من مراده لم يبتل بالذّنب أكرم عباده.
وعنه قال : النّاس يعبدون الله على أربع : عامل على العبادة ، وراهب على الرّهبة ، ومشتاق على الشّوق ، ومحبّ على المحبة.
وقال الحسن بن علّويه : سمعت يحيى بن معاذ ، وقيل له : فلان لو وعظته ، فقال : قفل قلبه قد ضاع مفتاحه ، لا حيلة لنا فيه.
وعن يحيى قال : عجبت لمن يصحب الخلق والخالق يستصحبه ، وعجبت لمن يمنع والله يستقرضه.
وقال الحسن بن علّويه : سمعت يحيى بن معاذ يقول : من لم يكن ظاهره مع العوّام فضّة ، ومع المريدين ذهبا ، ومع العارفين [المقرّبين درّا وياقوتا] فليس من حكماء الله (٢).
وسمعته يقول : أحسن شيء كلام صحيح من لسان فصيح ، في وجه صحيح (٣).
وعنه قال : الحسن حسن ، وأحسن منه معناه ، وأحسن من معناه استعماله ، وأحسن من استعماله ثوابه ، وأحسن من ثوابه رضي من عمل له (٤).
وعن عبد الواحد بن محمد قال : جاء يحيى بن معاذ إلى شيراز وله شيبة حسنة ، وقد لبس دست ثياب سود ، فكان أحسن شيء ، فصعد المنبر ، واجتمع الخلق. فأوّل ما بدأ به أن قال :
مواعظ الواعظ لن تقبلا |
|
حتّى يعيها قلبه أوّلا |
__________________
(١) حلية الأولياء ١٠ / ٥٣.
(٢) حلية الأولياء ١٠ / ٦٩ والمستدرك منه ، ومن : تاريخ بغداد ١٤ / ٢٠٩ ، وفيات الأعيان ٦ / ١٦٦.
(٣) حلية الأولياء ١٠ / ٦٩ ، تاريخ بغداد ١٤ / ٢٠٩ ، وفيات الأعيان ٦ / ١٦٦.
(٤) تاريخ بغداد ١٤ / ٢٠٩ ، ٤ / ٩٠ ، وفيات الأعيان ٦ / ١٦٦.