«وشرطه» أي شرط المعجز «إمّا أن يدعيه النبيء قبل حصوله ويقع على حسب دعواه نحو قوله تعالى حاكيا» عن موسى صلوات الله عليه في مخاطبته لفرعون لعنه الله : (أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ) (١) أي شيء (٢) ظاهر يصدّقني فيما ادّعيت من الرسالة ، فكان ما حكاه الله سبحانه من قوله : (فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ) (٣).
«أو» لم يكن ذلك المعجز قد ادّعاه ذلك النبيء ولكنه «كان معرّفا بالنبوءة كخبر الثعلب» المعرّف بنبوّة نبيّنا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم : روى أبو طالب عليهالسلام بإسناده إلى أبي ذر رحمهالله قال : كنا عند النبيء صلىاللهعليهوآلهوسلم فأتاه أعرابي على ناقة (٤) له ، فأجلسه النبيء صلىاللهعليهوآلهوسلم أمامه وقال له : «حدّث الناس ما كان من أمر ثعلبك». فقال :
أنا رجل من أهل نجران كنت أحطب من واد يقال له السّيّال فبينا أنا كذلك إذ أنا بهاتف وهو يقول :
يا حامل الجرزة من سيّال |
|
هل لك في أجر وفي نوال |
وحسن شكر آخر الليالي |
|
أنقذك الله من الأغلال |
ومن سعير النار والأنكال |
|
فامنن فدتك النفس بالإفضال |
وحلني من وهق الحبال. |
قال : فالتفتّ فإذا ثعلب مربوط إلى شجرة. فقال الثعلب :
يا حامل الجرزة للأيتام |
|
عجبت من شأني ومن كلامي |
أعجب من السّاجد للأصنام |
|
مستقسما للكفر بالأزلام |
هذا الّذي في البلد الحرام |
|
نبيء صدق جاء بالإسلام |
وبالهدى والدّين والأحكام |
__________________
(١) الشعراء (٣٠).
(٢) بشيء.
(٣) الشعراء (٣٢ ـ ٣٣).
(٤) (ض) زيادة فنزل عنها.