فلو كان يسمّى كافرا أو منافقا كما زعمه المخالف لما عامله معاملة المسلمين وذلك يقتضي أنّ حكمه مخالف لحكم الكافرين والمنافقين ، وإذا كان كذلك : امتنع أن يطلق عليه اسم الكفر والنفاق.
فإن قيل : إن المنافقين عهده (١) صلىاللهعليهوآلهوسلم كان حكمهم في المعاملة حكم المسلمين مع كفرهم ، ولهذا جلد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رأس المنافقين عبد الله بن أبيّ في حديث الإفك وأخذ الزكاة منه ، وحينئذ لم يتم الاحتجاج بما ذكرتم أن معاملة أهل الكبائر معاملة المسلمين يدل على عدم كفرهم ونفاقهم؟
والجواب والله الموفق : أما عند زيد والناصر والقاسم عليهمالسلام ومن وافقهم : فلا يرد هذا لأنّ مرتكبي الكبائر من المنافقين عندهم وهذا حجة لهم.
وأما على قول من عداهم : فيمكن أن يقال : إن معاملة النبيء صلىاللهعليهوآلهوسلم لهم معاملة المسلمين لمصلحة علمها وأمره الله بها وهو تقوّي الإسلام وترغيب الناس إليه ، لأنه لو عامل من أظهر الإسلام وأبطن الكفر معاملة الكفار بالقتل والسّبي ونحو ذلك لنفر عن الإسلام كثير من الناس خشية أن لا يقبل منهم إظهار الإسلام وإن لم يبطنوا الكفر والله أعلم.
قلت : ويمكن أن يجاب عن جميع ما أوردوه في هذه المسألة :
بأن المنافق في اللغة : اسم لمن أظهر خلاف ما يبطن وذلك يصدق على مرتكب الكبيرة لأنه يتسمّى بالإيمان والتقوى ويتلبس بها ، وأفعاله تشعر بخلاف ذلك وهذا حقيقة النفاق.
ولا دليل من الشرع يدل على نقله فهو اسم عامّ لمن أبطن الكفر أو غيره من المعاصي وتزيّا بزيّ التقوى والإيمان.
__________________
(١) (ض) في عهده.