يجوز أن يوصل إليه عقابه المنقطع في الدنيا كما هو قول جماعة من المرجئة. انتهى.
«لنا» في الاحتجاج على مخالفينا : حجة العقل والسّمع ولنذكر الكلام في ذلك في فصلين :
الأول : في استحقاق الفاسق العقاب.
الثاني : في أنه يستحقه دائما على الحدّ الذي يستحقه المشرك.
أمّا الأول : فدلالة العقل فيه : أن الفاسق لو لم يستحق العقاب لكان خلق شهوته للقبيح إغراء له به ويتنزل خلقها بمنزلة قول القائل : افعل ولا بأس عليك.
وأما دلالة الشرع : فمنها : «قوله تعالى» : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ) (١).
«الآية ونحوها» من الآيات العامة للعصاة والخاصة لأهل الكبائر الغير المخرجة من الملّة كقوله تعالى : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً) (٢) وقوله تعالى : (وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ) (٣) والضمير للفجار وهو يعمّ كل عاص.
وقوله تعالى : (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ ...) إلى قوله (كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ) (٤).
وقوله تعالى : (وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً ...) إلى قوله (بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٥).
__________________
(١) النساء (١٤).
(٢) النساء (٩٣).
(٣) الانفطار (١٦).
(٤) البقرة (١٦٥ ـ ١٦٧).
(٥) البقرة (٨٠ ـ ٨١).