«ولم يفصل» تعالى بين الكافر والفاسق.
«وقوله تعالى» : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ ...) إلى قوله تعالى (فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ...) الآية (١).
«وقوله تعالى» : (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) (٢).
قال الإمام المهدي عليهالسلام : وسبب نزولها : أن جماعة من المسلمين واليهود تذاكروا في أمر العقاب فادّعى كل فريق منهم أن الله تعالى يهب مسيئهم لمحسنهم ويعفو عنه لسابقة إيمانه بالله والرسول المرسل إليهم ولفضل الصالحين منهم فنزلت هذه الآية الكريمة ردّا على دعوى كل فريق وأخبرهم أن رجاءهم العفو عن عاصيهم إنّما هو أمانيّ كاذبة باطلة.
قال : ولا وجه لما رواه البغوي في المصابيح عن عائشة في أن المراد يجزيه في الدنيا لأنّ سببها يكذبه.
«ونحوهما» أي نحو هاتين الآيتين «من الآيات الخاصة في عصاة أهل الصلاة» كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ ...) إلى قوله تعالى: (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً ...) (٣) الآية والقرآن مملوء من نحوها.
«وقد قال الله تعالى» : (ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَ وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (٤).
ومن ذهب إلى جواز خلف الوعيد من الله سبحانه في حق مرتكب الكبيرة أو خروجه من النار فقد نقض معنى هذه الآية وما تقدمها من الآيات الدالة على عقابه وخلوده في النار.
__________________
(١) الأنفال (١٥ ـ ١٦).
(٢) النساء (١٢٣).
(٣) النساء (٢٩ ـ ٣٠).
(٤) ق (٢٩).