«ولم تفصّل هذه الآيات» بين ما كان من أصول الدين وغيره ولا بين القطعي والظني.
«و» لنا أيضا من السّنّة «قوله» صلىاللهعليهوآلهوسلم «لا يختلف عالمان ولا يقتتل مسلمان» وهو نهي «ولم يفصل» أيضا «و» يؤكد قولنا : أنه «لم يثبت جوازه» أي جواز التفرق والاختلاف «في كل شرائع الأنبياء عليهم» الصلاة و «السلام» أي لم يثبت في شريعة من شرائعهم «بدليل قوله تعالى» «شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه» «ولم يفصل» تعالى في التّوصية بالدّين ألّا يتفرقوا فيه بين الأصول والفروع ولا بين المتقدمين والمتأخرين.
«و» لنا أيضا قوله تعالى : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) (١).
قال في البرهان : يعني عشرة قرون بعد آدم كانوا على الحق ثم اختلفوا.
وفي الكشاف عن ابن عباس أنه كان بين آدم وبين نوح عشرة قرون على شريعة من الحق.
وقال الإمام القاسم بن إبراهيم عليهالسلام في جواب من سأله عن هذه الآية : لا يكون الناس أمّة واحدة إلّا وفيهم نبيء أو وصي.
وقال المرتضى في الإيضاح : ما كانوا إلّا على الإقرار بالله عزوجل والتّصديق له منذ خلق الله آدم مصدّقين لأمره عارفين به موحّدين له متّبعين لكل ما أنزل فكانوا على هذا الدين لا يشركون به ثم اختلفوا بعد ذلك وتفرقوا واتبعوا أهواءهم.
«فبعث الله النّبيين مبشرين ومنذرين. وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه» أي في الحق «إلّا الذين أوتوه» أي الكتاب «من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم» أي حسدا وظلما
__________________
(١) البقرة (٢١٣).