أما الموضع الأول : وهو في حكاية المذهب وذكر الخلاف
فذهب المسلمون كافّة إلى أنه تعالى لا يرى في الدنيا ولا في الآخرة (١). والخلاف في ذلك مع المشبّهة ، والأشعرية (٢) ، وضرار بن عمرو الكندي (٣) ، والحسن بن أبي بشر الأشعري (٤) ، وسنفصّل قول كلّ مخالف منهم عند الكلام عليهم إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) ينظر المغني ٤٢٩.
(٢) ينظر المواقف في علم الكلام ٢٩٩.
(٣) ضرار بن عمرو الغطفاني : وهو قاض من كبار المعتزلة طمع برئاستهم في بلده فلم يدركها فخالفهم فكفروه وطردوه. وصنف نحو ثلاثين كتابا ، وفيها مقالات خبيثة شهد عليه أحمد بن حنبل عن القاضي سعيد الجمحي فأفتى بضرب عنقه فهرب ، وقيل : أخفاه يحيى بن خالد البرمكي. ت ١٩٠ ه. ينظر الأعلام ٣ / ٢١٥. أما الحاكم الجشمي فقال : من عدّه من المعتزلة فقد أخطأ ؛ لأنا نتبرأ منه فهو من المجبرة ، وكذلك ما ذكره الإمام أحمد بن محمد الشرفي في الأساس الكبير ١ / ٤٣٥.
(٤) كنيته : أبو الحسن ، واسمه : علي بن إسماعيل بن أبي بشر بن إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري. وإليه تنسب الطائفة الأشعرية في العقائد. كان من المعتزلة قرأ على أبي علي الجبائي فانقلب إلى أشد خصومهم وأظهر القول بالجبر. ولد ٢٧٠ ه أو ٢٦٠ ه وتوفي ٣٣٠ ونيف ، وقيل ٣٢٤ ه. ينظر ١ / ٢٢٦ من وفيات الأعيان لابن خلكان. والأساس ١ / ١٦٠ وذكر أن الأشعري بعد انقلابه على المعتزلة لم ينقل أنه اتصل بأحد من الأئمة ولا بفرقة من فرق المسلمين فمذهبه في الكلام منقطع الإسناد ؛ لأن دراسته على مشايخ المعتزلة قد تنكر لها ولم يثبت أنه درس على شيخ معروف بل أحيا مذهب جهم بعد أن اندرس بقتله. وبعض المؤرخين يشكك في نسبته إلى أبي موسى الأشعري. ينظر مقدمة الإبانة ص ٩ بتحقيق نوفية حسين محمود ، اختلفوا في عدد مؤلفاته فمنها الإبانة ، ورسالة إلى أهل الثغر ، ورسالة في استحباب الخوض في الكلام ، ومقالات الإسلاميين ، واللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع ، ينظر مقدمة الإبانة ص ٣٨.