بالحواس ، ولا يقاس بالناس. وعن ابن عباس أن عليا عليهالسلام مرّ برجل رافع يديه إلى السماء ، شاخص ببصره ، فقال عليهالسلام : يا عبد الله اكفف من يدك ، واغضض من بصرك فإنك لن تراه ولن تناله. فقال : يا أمير المؤمنين إن لم أره في الدنيا فسأراه في الآخرة ، فقال : كذبت بل لا تراه في الدنيا (١) ، ولا في الآخرة ، أو ما سمعت قول الله تعالى : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) ، إن أهل الجنة ينظرون إلى الله تعالى كما ينظر إليه أهل الدنيا ، ينتظرون ما يأتيهم من خيره وإحسانه.
ومن كلام ولده الحسن بن علي عليهالسلام قال (٢) لنافع بن الأزرق وقد سأل (٣) عن صفة الله تعالى ، فقال : أصفه بما وصف به نفسه وأعرّفه بما عرّف به نفسه : لا يعرف بالحواس ، ولا يقاس بالناس ، إلى آخر كلامه. ومن كلام زين العابدين علي بن الحسين عليهالسلام وقد سئل : أرأيت ربك؟! فقال : لم أكن لأعبد شيئا لم أره. قيل : كيف رأيته؟ قال : لم تره العيون بمشاهدة العيان ، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان ، لا يدرك بالحواسّ ، ولا يقاس بالناس (٤) ، إلى آخر كلامه.
وعن عبد الله بن العباس رحمهالله أنه قال في وصفه (٥) لله تعالى : لا يدرك بالحواس ، ولا يقاس بالناس. ذكره في جوابه لنجدة الحروري. وروي أن مسروقا (٦) أتى عائشة ، فقال : يا أم المؤمنين أرأى محمّد ربّه؟! فقالت : سبحان
__________________
(١) في (ب) : لن تراه في الدنيا. وبحذف كذبت.
(٢) في (ب) : أنه قال.
(٣) في (ب) : سئل.
(٤) ينظر أمالي المرتضى ١ / ١٥٠ ، ونسبه إلى ابنه الباقر عليهالسلام.
(٥) في (ب) : في صفة الله.
(٦) مسروق بن الأجدع بن مالك بن أمية الهمداني الكوفي تابعي ، عدّ في المخضرمين الذي أسلموا في حياة النبي ولم يره. أنظر سير أعلام النبلاء ٣٤ / ٦٣ ، والتاريخ الكبير ٨ / ٣٥.