وسابعها : أن الضلال قد يكون بمعنى ضلّ عنده (١) ، كما يقال : أضلّ إذا وقع الضلال عند الذي ينسب الإضلال إليه ، قال تعالى حاكيا عن إبراهيم عليهالسلام : (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) [إبراهيم : ٣٦] أي ضلّ عندهن كثير. ومنه قوله تعالى : (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) [التوبة : ١٢٥] أي ازدادوا عندها كفرا إلى كفرهم (٢) ، وذلك أنّهم كفروا بالسورة الأولى ، ثم كفروا بهذه السورة. وقيل : إثما إلى إثمهم (٣). وقيل : شكّا إلى شكّهم (٤) ، ونفاقا إلى نفاقهم. وإنّما أضاف ذلك إلى السورة لأنهم كفروا عند نزولها ، وكقولهم : وما زادتك موعظتي إلّا شرّا.
وثامنها : بمعنى ضلّ يقال : أضلّ فلان إذا ضلّ بعيره عنه. ويقال : أمات إذا ماتت راحلته. وأعطش إذا عطشت إبله. قال الشاعر :
هبوني امرأ منكم أضلّ بعيره |
|
له ذمّة إنّ الذّمام كثير |
فهذا هو الموضع الأول : في (٥) تعيين معاني الضلال.
__________________
(١) في الأصل : عنده وعبده ، وفي (ب) : عنده بكسر العين ونقط الباء من تحت والنون من فوق ، وكذلك (ج). وهو الأصح.
(٢) قاله قطرب ، كما في النكت والعيون للماوردي ٢ / ٤١٦.
(٣) قاله مقاتل ، كما ذكر ذلك الماوردي ٢ / ٤١٦.
(٤) قاله الكلبي ، ينظر نكت الماوردي ٢ / ٤١٦. والدر المنثور ٣ / ٥٢٢ عن السّدّيّ.
(٥) في (ب) ، (ج) : وهو في.