قلنا : الضّرر جنس الحدّ يشترك فيه جميع المضارّ الحسنة والقبيحة ، وينفصل بذلك عن المنافع المحضة ، فإنها (١) لا تعد ظلما. وقلنا : الذي يوصله الفاعل إلى غيره احترزنا بذلك عما يوصله إلى نفسه من المضارّ ؛ فإنه لا يعد ظلما على جهة الحقيقة ـ وإن جاز أن يجرى عليه ذلك مجازا ـ وذلك لأنّ قولنا : ظلم يستدعي ظالما ومظلوما وهما غيران ، والغيران هما كل شيئين ليس أحدهما هو الآخر ، ولا جملة يدخل تحتها الآخر. قلنا : ولا جملة يدخل تحتها الآخر احترازا عن مثل يد الإنسان فإنها (٢) لا تكون غيرا له لمّا كان الإنسان جملة تدخل تحتها يده. وقلنا : في حدّ الظّلم لا لنفع يصل إلى ذلك الغير ، ولا لدفع ضرر عنه احترزنا (٣) بذلك عمّا يكون فيه نفع كتأديب المؤدّبين للصبيان ؛ لأن يصلوا إلى المنازل الشريفة ، وعما يكون مفعولا لدفع ضرر أعظم منه ، نحو قطع اليد المستأكلة ، فإنّ جميع ذلك لا يعدّ ظلما. وقلنا : ولا لاستحقاق ؛ لأنّ ما يكون من المضارّ مستحقا لا يكون ظلما نحو الحدود وشبهها. قلنا : ولا للظّن لأحد الوجهين المتقدمين احترزنا بذلك عن المضار المفعولة لظنّ النفع ، أو لظنّ اندفاع الضرر بها ، نحو ما ذكرناه من تأديب المؤدّبين ، وقطع اليد المستأكلة ونحو ذلك ؛ فإن ذلك لا يكون ظلما وإن لم يوصل الى منفعة ، ولا اندفعت به مضرة متى كان مفعولا للظن لأحد هذين الوجهين (٤).
__________________
(١) في (ب) : وإنها.
(٢) في (ب) : فإنه.
(٣) في (ب) : احترازا ، وكذلك مثلها احترازا بعد خمسة أسطر.
(٤) في (ب) ، (ج) : لأحد الوجهين.