موضع العدل منها بعد ذكر الخلق وبيان التوحيد : ثمّ أمر بتربيته إلى كمال تقويته ، وأسبغ عليه النّعم ، ووضع عليه القلم عند حال البلوغ ، فلم يكلّفه ما لا يطيق ، أنظره بالأمر ، ومدّ له في العمر ، ثمّ كلّفه دون الجهد ، ووضع عنه ما دون العمد. وقد أطلقه للفكر ، وحثّه على النّظر ، بعد وصفه له للأدلّة ، وإزاحته له كلّ علة. إلى غير ذلك من السنة.
وأما الإجماع : فذلك ممّا لا خلاف فيه بين الصحابة والتابعين وهو قول أهل البيت المطهرين (ع).
وأما الموضع السادس :
وهو فيما يتعلقون به من الآيات المتشابهة ، وبيان معانيها
فمن ذلك قوله تعالى : (أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ) [هود : ٢١] وقوله تعالى : (لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) [الكهف : ١٠١] ، قالوا : فأخبر أنهم لم يكونوا يستطيعون السمع وكانوا مع ذلك مكلفين (١).
والجواب أنّ الظاهر لا تعلّق لهم فيه ؛ لأنّ الظاهر يقتضي نفي استطاعتهم السمع. والسّمع ليس بفعل للعبد في الحقيقة ، ولا يصح أن تكون (٢) له قدرة
__________________
ولفظه : أما يستطيع أحدكم أن يعمل كل يوم مثل أحد عملا؟» قالوا : يا رسول الله ومن يستطيع أن يعمل كل يوم مثل أحد عملا؟ قال : «كلكم يستطيعه» ، قالوا : يا رسول الله ما ذا؟ قال : «سبحان الله أعظم من أحد ، ولا إله إلا الله أعظم من أحد ، والحمد لله أعظم من أحد». قال في مجمع الزوائد ١٠ / ٩٠ بعد ما عزاه إليهما : ورجالها رجال صحيح.
(١) يتظر الرازي مج ١١ ج ٢١ ص ١٧٤.
(٢) في (ب) ، (ج) : يكون.