الاستعلاء دون الخضوع ، مع كون المورد للصيغة مريدا لما تناولته. قلنا : هو قول القائل لغيره ؛ لأنه لا يكون آمرا لنفسه. قلنا : افعل ؛ لينفصل عن النهي ، ويكون أمرا للحاضر. قلنا : أو ليفعل ؛ لئلّا يخرج عنه أمر الغائب.
قلنا : أو ما يجري مجراهما نريد بذلك الأمر بصيغة تصلح للاثنين والجماعة والمؤنث والمذكّر غير الواحد. قلنا : على جهة الاستعلاء دون الخضوع احترازا (١) من السؤال والدعاء ؛ فإنه وإن كان بهذه الصيغة ؛ فإنه ليس على جهة الاستعلاء فلا يكون أمرا. قلنا : مع كونه مريدا لما تناولته الصيغة لينفصل بذلك عن التهديد بصيغة الأمر فإن التهديد بصيغة الأمر قول القائل لغيره : افعل أو ليفعل أو ما يجري مجراهما على جهة الاستعلاء دون الخضوع ، مع كونه كارها لما تناولته الصيغة ، نحو قول المعلّم للصبيان : العبوا ، وهو لا يريد اللّعب لهم ، بل يكرهه منهم.
وأما النهي : فهو قول القائل لغيره : لا تفعل أو لا يفعل أو ما يجري مجراهما على جهة الاستعلاء دون الخضوع ، مع كونه كارها لما تناولته الصيغة. والاحترازات فيه على نحو ما تقدم. إلّا أنّ قولنا : لا تفعل أو لا يفعل فصل له عن الأمر وعن التهديد بصيغة الأمر. وقلنا : مع كونه كارها لما تناولته الصيغة فصلا له عن التهديد بصيغة النهي ؛ فإنّ التهديد بصيغة النهي هو قول القائل لغيره : لا تفعل أو لا يفعل أو ما يجري مجراهما على جهة الاستعلاء دون الخضوع ، مع كونه مريدا لما تناولته الصيغة نحو قول المعلم للصبيان : لا تقرءوا. وهو يريد القراءة. وقد دخلت حقيقة التهديد في الأمر والنهي لمّا كان منقسما قسمين : تهديد بصيغة الأمر ، وتهديد بصيغة النهي. فثبت أنّ كونه
__________________
(١) في (ب) : احتراز. على تقدير مبتدأ. أي هذا احتراز. والنصب مفعول لأجله ، وهو أولى.