على موافقة المذهب فقط ، فثبت ما قلناه والله الهادي.
ويدل على ذلك قوله تعالى : (فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) [التوبة : ٥٥] يعني بالسّبي والغنيمة للأموال ، فلا تعجبك إذا كان ذلك عاقبته. ذكره المفسرون (١). وكذلك قوله : (يُعَذِّبْهُمُ اللهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) [التوبة : ٧٤] ، ففي الدنيا بالقتل والأسر ، وفي الآخرة عذاب النار. وكذلك قوله تعالى : (سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ) [التوبة : ١٠١] : إحدى المرّتين في الدنيا ، والثانية في القبر. والعذاب العظيم في نار جهنم.
ويدل على ذلك قول الله تعالى : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) [النساء : ٧٩] فقوله : ما أصابك من حسنة ، يعني نعم الدنيا والدين ، فيدخل (٢) فيها الطاعات.
وإنما أضافها إلى الله تعالى ـ وإن كانت فعلا للعبد على ما تقدم بيانه ـ فلأنه أمر ببعضها ، وندب إلى بعضها ، وهدى إليها ، ومكّن منها ، وزيّنها ، وحبّبها ، ووعد بالثواب على فعلها ، وأوعد بالعقاب على ترك ما افترض منها. فمن هذا المعنى جاز أن يضاف إليه ، وقوله تعالى : (وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) يريد ما أصابك بسبب معاصيك فمن نفسك ؛ لأن المعاصي فعلك فهي عقاب لك.
وروي أن هذه الآية لمّا نزلت قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يصيب رجلا خدش عود ، ولا عثرة قدم ، ولا اختلاج عرق إلا بذنب وما
__________________
(١) ينظر الكشاف ٢ / ٢٨٠. وفي مجمع البيان ج ٥ ص ٧٠.
(٢) في (ب) و (ج) : ويدخل.