يقال لهم : إنكم إذا رجعتم إلى التأويل فقد خرجتم عن الاستدلال بالظاهر ، وفي ذلك ما نرومه ، ثم لستم بالتأويل للآية على مذهبكم أولى من غيركم ، ويكون المرجع في ذلك إلى دلائل غير الآية هذه. واحتجوا بأنه قد يقتل في الساعة الواحدة ألوف كثيرة ، قالوا : ولم تجر العادة بموت مثلهم في حالة واحدة ، فلو لم نقل بأنهم لو لم يقتلوا لحيوا لا محالة ـ لأدّى ذلك إلى القول بنقض العادة ، وهو أن يموت في الساعة الواحدة (١) ألوف كثيرة. وانتقاض العادة لا يجوز إلا في زمان نبي. الاعتراض على ذلك هو أن يقال لهم : إنه لا يمتنع أن يموت في الساعة الواحدة ألوف كثيرة في جهات متباعدة ، وبلاد قاصية في أطراف الأرضين وغير ذلك ، ولا يكون ذلك نقض عادة. ويجوز أيضا في العدد الكثير والجمّ الغفير أن يموتوا في ساعة واحدة بالغرق والهدم ، ونحو ذلك ولا يكون في ذلك نقض عادة (٢). ثم يقال لهم : إنه يجوز انتقاض العادة في غير زمان الأنبياء (ع) ؛ لأنه لو لم يجز انتقاضها لخرجت عن كونها عادات ، ولحقت بالموجبات (٣) ، وذلك يفسد عليهم أصولا كثيرة. ثم نقول : إنه قد وقع نقض العادات في غير زمان نبيّ ، والوقوع فرع على الصحة على ما نبينه إن شاء الله تعالى [في مسألة النبوة] (٤) فبطل ما ذهبت (٥) إليه البغدادية (٦) من كل وجه.
__________________
(١) في (ب) بحذف الواحدة.
(٢) في هامش (ه) وأيضا فلا مانع من أن يكون أجله عندنا هو ذلك الوقت ولا دليل يمنع من ذلك الدليل ، ولذلك يحسن التأويل المذكور.
(٣) والموجب هو الذي لا يتخلف.
(٤) ما بين المعقوفتين غير موجود في الأصل.
(٥) في (ب) : ذهب.
(٦) هم أصحاب أبي سهل بشر بن المعتمر الهلالي قيل : هو من أهل بغداد كان زاهدا عابدا ، وقيل : دخيل من أهل الكوفة ؛ ولعله كان كوفيا ، انتقل إلى بغداد وهو رئيس