(إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) [آل عمران : ١٤٥] ، أي بعلمه. وقد ثبت أن القتل غير الموت. تصديقه قوله تعالى (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) [آل عمران : ١٤٤] ؛ فلو كان القتل هو الموت لكان تقدير الكلام أفإن مات أو مات. وهذا خطل من القول لا يجوز أن يتكلّم به الحكيم تعالى ، فبطل ما ذهبوا إليه في ذلك.
ومما يتعلقون به قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) [الأنعام : ٢] ، قالوا : فذكر أن للإنسان أجلين ، وأنه يجوز أن يقطع القاتل على المقتول أحدهما (١). والجواب أنّ هذا منهم تجاهل عظيم ؛ لوجهين : أحدهما أن ظاهر الآية يوجب أنه تعالى : قضى أجلا ، وأنّ عنده أجلا مسمّى. ولم يبيّن أنّ كلا الأجلين في الدّنيا ؛ ولا ذكر ذلك بإثبات ولا بإبطال وهو موضع النزاع. والمراد بذلك أنه قضى الآجال في الدّنيا ؛ لأنه لا أحد إلّا وله وقت قد علم الله تعالى أنه يموت فيه. وقوله تعالى : (وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) أراد به يوم القيامة ؛ ولذلك أضافه إلى نفسه ، فقال (عِنْدَهُ).
الوجه الثاني : يقال لهم : وكيف يجوز أو يتصوّر أن يكون للإنسان أجلان في الدنيا ، وليس يبلغ إلّا أحدهما ؛ فإن بلغ الأخير بطل كون الأول أجلا له ، وإن لم يبلغ الأخير بطل كونه أجلا له على أيّ وجه قيل.
وممّا يتعلقون به قوله تعالى : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) [الأعراف : ٣٤] ، قالوا : وهذا يدل على أنه لا يجوز أن يتقدّمه ولا أن يتأخر عنه ، وذلك يوجب
__________________
(١) في الأصل : أحدهما بالضم ، والذي يظهر لي أنه مفعول به ليقطع ، والفاعل القاتل ، والله أعلم.