ومنهم من يتدارس القرآن ، فوقف عندهم ساعة ، ثم قال : من أنتم؟ قالوا : يا رسول الله نحن قوم قرأنا القرآن فمررنا بقوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) [الطلاق : ٢ ـ ٣] ، وتوكّلنا على الله (١) فهو حسبنا ونحن المتوكلون. فقال : يا قوم قوموا وتفرّقوا واكتسبوا وابتغوا من فضل ربكم ؛ فإن الله لم يأمر بهذا. قال الله تعالى في أسفل الآية : (قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) [الطلاق : ٣] ، يعني لكل أمة رزقا وحرفة وكسبا وأنتم المتأكّلون على الناس ، إنما المتوكل على الله الذي يصلّي الخمس في جماعة ، ويبتغي من فضل ربه. قال ابن عباس : فما برح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى تفرقوا وصاروا بعد ذلك أصحاب التّجارات (٢). وروي أن عمر بن الخطاب مرّ بقوم ، فقال : من أنتم؟ قالوا : نحن المتوكلون. قال : كذبتم بل أنتم المتأكّلون. إنما المتوكل رجل ألقى الحبّ وهو ينتظر الغيث (٣). وقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «طلب الحلال فريضة بعد الفريضة (٤). إلى غير ذلك من الأخبار. وأما الإجماع : فلا خلاف بين المسلمين في أنه يحسن اكتساب الحلال.
ورابعها في حكم الأرزاق ونحن نعتقد أن الحلال يكون رزقا سواء كان في أيدي العصاة أو المطيعين ، وأن الحرام لا يكون رزقا سواء كان في أيدي العصاة أو المطيعين. وهذا هو قول جميع المسلمين (٥).
__________________
(١) في (ب) : وتوكلنا على الله فنحن المتوكلون على الله. وفي (ج) : وتوكلنا على الله ، ونحن المتوكلون.
(٢) أخرجه في فروع الكافي ٥ / ٨٦ بما يوافق هذه الرواية.
(٣) ربيع الأبرار ٤ / ٣٠٢.
(٤) أخرجه في كنز العمال ٤ / ٥ رقم ٩٢٠٣ عن ابن مسعود.
(٥) ينظر رسائل الإمام الهادي عليهالسلام ٣١٣ ، وشرح الأصول الخمسة ٧٨٧ ، والمغني ١١ / ٣٥.