بدر الدين فإنّ الله تعالى جعل على مكانه حيث يطّهّر هالة صحو كهالة القمر فما أصابه شيء أصلا مع إبطائه (١) في الطهور ، والمطر مستمر حواليه لا عليه وهو في العرا والصّحا إلى أن فرغ من طهوره سالما. قال الأمير الفاضل تاج الدين طول الله مدته : فعجبت من هذه الحكاية عجبا عظيما ، ثم وقعت مع الأمير بدر الدين رحمة الله عليه في مثل هذه الكرامة ، وذلك أني سلكت معه في طريق القد (٢) حتى انتهينا إلى جبل يسمى عربوصان ، وأصابتنا مطارة عظيمة غزيرة. فالتجأت أنا ورجل معي إلى أصل شجرة بقرب الطريق ، فلم تكنّنا من المطر ، بل غرقنا غرقا عظيما إلى أن وقف معنا بجنبها الأمير الكبير بدر الدين رضوان الله عليه. قال الأمير تاج الدين خلد الله علوّه فأنا أشهد أن المطر حوالينا قاب الرمح أو أكثر كأفواه القرب ، وما زاد أصابنا بعد وقوفه معنا حتى القطرة الواحدة ببركته رضوان الله عليه.
ومن كرامات الأميرين الكبيرين شيخي آل رسول الله شمس الدين وبدره ، ورأس الإسلام وصدره : يحيى ومحمد رضوان الله عليهما ـ ما أخبرني به الشريف الطاهر الفاضل العالم جمال الدين كعبة الشّرعيين علي بن الحسين أدام الله أيامه (٣) ، قال : خرجت ذات ليلة إلى قبريهما لزيارتهما ، وهي في ليلة
__________________
(١) في (ب) : بطائه ، ولعل الهمزة سقطت.
(٢) قرية في جبل رازح.
(٣) اتفقت الزيدية على فضله واعتمدت كتبه وكان متواضعا ، أخذ عنه الأمير الحسين مؤلف الينابيع. وله مؤلفات منها اللمع في الفقه وهو من أجلّ كتب الزيدية في الفقه وهي مأخوذة من التحرير لأبي طالب ، والتجريد للمؤيد بالله ، والكواكب. وله القمر المنير على التحرير ، والدرر في الفرائض ، وقد أذن للإمام أحمد بن الحسين في إصلاحه ، وهداية البرايا والوصايا. توفي سنة ٦٢٧ ه ، ودفن في قطابر ناحية صعدة إلى جنب ابني عمه شمس الدين وبدر الدين. ينظر مطلع البدور (خ). تراجم رجال شرح الأزهار ١ / ٢٤ ، وطبقات الزيدية ٢ / ٧٢٥.