والصديقين وسائر المؤمنين. وقال سبحانه : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة : ٧١] وهكذا حكم تعالى على المتوافقين في العقائد السقيمة ، والأفعال الذميمة ، بأن بعضهم من بعض فقال : (الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ) [التوبة : ٦٧] ، وغير ذلك من الآيات كثير.
وأما الإجماع : فذلك مما لا خلاف فيه بين المسلمين ؛ بلى قد سوغ الله سبحانه التّقيّة إذا خشي المؤمن على نفسه ، وكذلك لدعاة الحق ما يقتضي ظاهره الموالاة ؛ لاستدعائهم إلى الدين ، أو التألّف لهم ؛ لنصرة المحقين ؛ وتكثير سواد المتقين ، أو تخذيل المردة الفاسقين على ما بينّا ذلك في «كتاب ثمرة الأفكار في أحكام الكفار». وهذا (١) ثابت في الشاهد ؛ فإنك تستحسن من عبدك ، إذا خشي على نفسه الهلاك من عدوك أن يعامله بالمداراة والمجاورة والموالاة حتى يتخلّص من مكره ، ويستنقذ نفسه من شره ، ثم يظهر له عداوته بعد ذلك ليرضي بها المولى المالك ، وكذلك تستحسن له (٢) موالاة عدوك ومقاربته ومحاورته ومشاورته ليرده إلى طاعتك ، وينظمه في سلك إرادتك ، ويخرجه من عداوتك.
وكذلك تستحسن منه أن يفرّق بين أعدائك بأن يوالي بعضهم ويعادي
__________________
(١) في (ب) : وذلك.
(٢) في (ب) : منه.