فاستوى ظالم العشيرة والمظ |
|
لوم في حفظه بدعوى ابتلال |
وسادسها : تساوي الأجزاء المؤلّفة. يقال : استوى الحائط والخشبة. وهذا من الاعتدال إذا تأكّدت على وجه مخصوص. وسابعها : ما يكون بمعنى الانتصاب. يقال : استوى فلان جالسا ، واستوى قائما ، أي انتصب. وثامنها : ما يكون بمعنى الاستيلاء. قال الشاعر : قد استوى بشر على العراق (١).
وأما الموضع الثالث : وهو في معنى الآية ؛
فاعلم أنه لا يجوز أن يكون استواء الله تعالى على العرش بمعنى الاستقرار عليه ، وبمعنى أنه كائن فيه ؛ لأن ذلك من خصائص الأجسام والمتحيّزات ، وقد ثبت أن الله تعالى ليس بجسم ، فلا يجوز عليه شيء من خصائص الجسم والمتحيّز (٢) ، فلا يجوز عليه الكون في الأماكن ، ولا التنقل في الجهات ، ولا النزول ولا الصعود ؛ لأنه لو كان كذلك لوجب أن يكون شاغلا لجهة ، ولو كان شاغلا لكان إمّا جسما ، وإمّا جوهرا ، وهو تعالى ليس بجسم ولا جوهر على ما تقدم بيانه. وإذا بطل ذلك فمعنى قوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) [السجدة : ٤] أي استولى ، من القدرة ، كما قال الشاعر ـ وهو البعيث (٣) ـ في بشر ابن مروان (٤) :
__________________
(١) ينظر الحاكم الجشمي ص ٢٩٤ ـ ٢٩٥. قال : لا يجوز حمل الاستواء على أنه استقر على العرش ؛ لأن ذلك من صفات الأجسام. ومتشابه القرآن ١ / ٧٣. وشرح الأصول الخمسة ٢٢٦.
(٢) في (ج) : المتحيزات.
(٣) هو خداش بن بشر بن خالد ، خطيب شاعر مجيد ، كان بينه وبين جرير مهاجاة دامت نحو أربعين سنة. ت : ١٣٤ ه. الأعلام ٢ / ٣٠٢ ، معجم الأدباء مج ٦ ج ١١ ص ٥٥.
(٤) أخو عبد الملك بن مروان ، ولي لأخيه إمرة العراقين ، وكان يجيز على الشعر بألوف وقد امتدحه الفرزدق والأخطل ، توفي سنة ٧٥ ه. ينظر الأعلام ٢ / ٥٥.