متقابلان لا يجتمعان في شيء واحد باعتبار واحد ، الثالث ما به الحركة وهو السبب والعلة الفاعلية لوجودها ، الرابع ما له الحركة أعني الجسم المتحرك وهو العلة القابلية وهذان هما المرادان بقوله والعلتين ، الخامس ما فيه الحركة أعني المقولة التي ينتقل الجسم فيها من نوع إلى نوع والظاهر أنه المراد بقوله والمنسوب إليه إذ المقولة تنسب الحركة إليها بالتبعية ، السادس الزمان الذي تقع فيه الحركة وهو المراد بقوله والمقدار فإن الزمان مقدار الحركة.
قال : فما منه وما إليه قد يتحدان محلا وقد يتضادان ذاتا وعرضا.
أقول : ما منه وما إليه قد يكون محلهما واحدا لكن لا باعتبار واحد كالنقطة في الحركة المستديرة فإنها بعينها مبدأ للحركة المستديرة ومنتهى لها لكن باعتبارين ، وقد يتغاير محلهما كالحركات المستقيمة ثم قد يتضاد المحل في المتكثر إما ذاتا كالحركة من السواد إلى البياض أو عرضا كالحركة من اليمين إلى الشمال.
قال : ولهما اعتباران متقابلان أحدهما بالنظر إلى ما يقالان له.
أقول : الذي فهمناه من هذا الكلام أن لكل واحد مما منه وما إليه اعتبارين : أحدهما بالقياس إلى ما يقال له أعني ذا المبدإ وذا المنتهى ، والثاني بقياس كل واحد إلى صاحبه فالأول قياس التضايف والثاني قياس التضاد وذلك لأن المبدأ لا يضايف المنتهى لانفكاكهما تصورا بل يضايف ذا المبدإ فإن المبدأ مبدأ لذي المبدإ وكذا المنتهى وأما اعتبار المبدإ إلى المنتهى فإنه مضاد له إذ ليس مضايفا ، ولا سلبا وإيجابا ، ولا عدما وملكة فلم يبق إلا التضاد وهذان الاعتباران أعني التضايف والتضاد متقابلان (واعلم) أن هاهنا إشكالا وهو أن يقال الضدان لا يعرضان لموضوع واحد مجتمعين فيه والمبدإ والمنتهى قد يعرضان لجسم واحد.
والجواب أن الضدين قد يجتمعان في جسم واحد إذا لم يكن الجسم موضوعا قريبا لهما وحال المبدإ والمنتهى هنا كذلك لأن موضوعهما الأطراف في الحركات المستقيمة وتلك متغايرة بقي أن يقال هذا لا يتأتى في الحركات المستديرة وقد نبه المصنف ـ رحمهالله ـ على