منفكة عن الوجود فكيف تتحقق الزيادة في الخارج والقيام بالماهية فيه بل وجود الماهية زائد عليها في نفس الأمر والتصور لا في الأعيان وليس قيام الوجود بالماهية كقيام السواد بالمحل
المسألة الرابعة
في انقسام الوجود إلى الذهني والخارجي
قال : وهو ينقسم إلى الذهني والخارجي وإلا بطلت الحقيقة.
أقول : اختلف العقلاء هاهنا فجماعة منهم نفوا الوجود الذهني وحصروا الوجود في الخارجي والمحققون منهم أثبتوه وقسموا الوجود إليه وإلى الخارجي قسمة معنوية.
واستدل المصنف رحمة الله عليه بأن القضية الحقيقة صادقة قطعا لأنا نحكم بالأحكام الإيجابية على موضوعات معدومة في الأعيان وتحقق الصفة يستدعي تحقق الموصوف وإذ ليس ثابتا في الأعيان فهو متحقق في الأذهان.
واعلم أن القضية تطلق على الحقيقة وهي التي يؤخذ موضوعها من حيث هو هو لا باعتبار الوجود الخارجي بل باعتبار ما صدق عليه الموضوع بالفعل.
وتطلق على الخارجية وهي التي يؤخذ موضوعها باعتبار الخارج وهو مذهب سخيف قد أبطل في المنطق فتحقق الحقيقية يدل على الثبوت الذهني كما ذكرناه.
قال : والموجود في الذهن إنما هو الصورة المخالفة في كثير من اللوازم.
أقول : هذا جواب عن استدلال من نفي الوجود الذهني وتقرير استدلالهم أنه لو حلت الماهية في الأذهان لزم أن يكون الذهن حارا باردا أسود أبيض فيلزم مع اتصاف الذهن بهذه الأشياء المنفية عنه اجتماع الضدين.
والجواب أن الحاصل في الذهن ليس هو ماهية الحرارة والسواد بل صورتها ومثالها المخالفة للماهية في لوازمها وأحكامها فالحرارة الخارجية تستلزم السخونة وصورتها لا تستلزمها والتضاد إنما هو بين الماهيات لا بين صورها وأمثلتها.