يورثه ذلك توقفا وتربصا.
ومنها أن العقلاء كما يجوزون وقوع أمثاله في ثاني الحال كذلك يجوزون وقوع أمثاله في سالف الأيام أو في قطر آخر من الأقطار أو ظهور ذلك بفعل فاعل آخر وإن كانوا عاجزين عن معارضته فربما لا يعجز غيرهم فعجزهم لا يدل على صدقه.
ومنها أن الشك في صدقه لكل واحد من الناس فيجب أن يكون الرافع للشك لكل واحد واحد وعلى مقتضى ذلك يلزم أن يخصص كل واحد وكل جمع غيب أو حضور بمعجزة خاصة وليس ذلك شرطا على أصلكم بل عندكم المعجزة الواحدة لجماعة من أهل الخبرة والبصيرة كافية ويلزم التصديق على غيرهم من أهل التقليد ، ولا يجب استمرار المعجزة في كل زمن بل لو استمرت خرجت عن الإعجاز والتحقت بالمعتاد فما ذا يلزمنا تصديق الأنبياء الماضين ، ولم نجد في زماننا ما يدل على صدقهم وبما يلزم أهل الأقطار في زمانه ولم يشاهدوا ما ظهر على يده من الآيات وهذا مشكل.
ومنها أنكم إذا جوزتم الإضلال على الله تعالى ، فما يشعركم أنه يظهر الآيات على يدي كاذب ولا يظهرها على وفق صادق فلا ذلك يضره في الإلهية ولا هذا ينفعه في الربوبية ، وكثير من الأنبياء قد خلت دعوتهم من المعجزة فمضوا على أمر الله دعاة للخلق من غير التفات إلى طلب الآيات منهم ، ومن غير انكباب على طلب الآيات من الله تعالى فما بالكم ربطتم صدق الرسول بالمعجزات هذا الربط.
ومنها قولهم : هل للخلق طريق إلى معرفة صدق الرسل سوى المعجزات الخارقة للعادات فإن منعتم ذلك فقد حصرتم القول وحسمتم الطريق على الله تعالى وذلك تعجيز وإن جوزتم ذلك فهلا وجب ذلك وجوب المعجزة فما الذي جعل المعجزة أولى بالدلالة من ذلك الدليل؟
ومنها قولهم : إنكم لا تخلون عن دعوى علم ضروري في وجه دلالة المعجزة فتارة تدعون الضروري من حيث القرينة الحالية وهي اقتران التحدي بالمعجزة ، وتارة تدعون ذلك من حيث دلالتها على قصد المخصص إلى التخصيص ، وتارة تدعون ذلك من حيث إنها نازلة منزلة التصديق بالقول وتارة تدعون ذلك من حيث سلامتها عن المعارضة فهلا ادعيتم الضرورة في أصل الدعوى أنه يعلم صدقه ضرورة.
ولئن قلتم إن قوله خبر يحتمل الصدق والكذب فيقال لكم والاحتمالات تتوجه إلى هذه الوجوه أيضا فبطل دعواكم الضرورة فيها خصوصا والمنازع فيها على رأس الإنكار (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) [القمر : ٢] ،