فيستقل كالنبي والإمام.
إن العلم بصدقه يتوقف على العلم باللّه لتوقفه على تصديقه إياه بالمعجزة فيدور ، ورد: لا نعزل العقل مطلقا ، بل لا يستقل.
قالوا : لو كفى لما اختلف؟ قلنا : يأتي به صحيحا ولا يضره.
قالوا : نرى الإنسان لا يحصل علما إلا بأستاذ ، قلنا : للعسر ثم عينوا الإمام ونبين أنه أجهل الناس.
مسألة : الناظر لا يكون عالما بالمطلوب ، لأنه تحصيل الحاصل.
لا يقال : ننظر في الشيء بدليل ثان ، لأنا نقول : المطلوب كونه دليلا ، ولا جاهلا جهلا مركبا ، لأنه جزم وامتناع الاجتماع إما ذاتي أو لصارف.
مسألة : النظر واجب ، لوجوب معرفة اللّه وتوقفها عليه ، وهو مقدور وإلا فهي تكليف بما لا يطاق. واعترض : لا نسلم إمكان وجوب العلم لأن التصديق متوقف على التصور وهو غير مكتسب وهو ضروري لما مر ، ثم الحاصل فإن كفى في النسبة بينهما فبديهي ، وإلا فالحال في المتوسطة كما فيها وتنتهي إلى الضروريات ؛ فلوازمها ضرورية ، فالتكليف لا يطاق ، ولو صح بطل الدليل.
ولقائل أن يقول : الضروري اللزوم ، لا اللازم.
ولو سلم فلا يمكن الأمر بمعرفة اللّه ، لتوقفه على معرفة الأمر ، ويدور ولو سلم فلم نكلف بهذه الأدلة فيكفي التقليد أو الظن والاعتماد على «فاعلم» ضعيف لتسميته علما ولأنه خاص ، واللفظ غير يقيني ، ولو سلم فلعل طريقه قول الإمام أو الإلهام أو التصفية ولأنه لو انحصر خرج المسلم في كل لحظة عن الدين بسبب ما يعرض له ، والشك في مقدمة يوجبه في المدلول.
ولو سلم فالتكليف بما لا يطاق جائز ، بل واقع في جميع التكاليف لأنه إن علم اللّه وجوده وجب وإلا امتنع.
ولو سلم فلعل الأمر بالمعرفة مقيد ، كقوله تعالى :(وَآتُوا الزَّكاةَ) [البقرة : ٤٣] ، والجواب إن أمكن لكن التعويل على الظواهر كقوله : (قُلِ انْظُرُوا) [يونس : ١٠١] أولى.
مسألة : وجوب النظر سمعي ، خلافا للمعتزلة وبعض الشافعية والحنفية.
لنا : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ) [الإسراء : ١٥] ولأن فائدة الوجوب الثواب والعقاب ولا يجب على اللّه شيء فينتفي ملزومها وهو الوجوب.