القاعدة الثانية (١)
في حدوث الكائنات بأسرها بأحداث له سبحانه
وفيها الرد على المعتزلة والثنوية والطبائعيين والفلاسفة وفيها تحقيق الكسب والفرق بينه وبين الإيجاد والخلق.
مذهب أهل الحق من أهل الملل وأهل الإسلام : أن الموجد لجميع الكائنات هو الله سبحانه فلا موجد ولا خالق إلا هو ، والفلاسفة جوزوا صدور موجود من غير الله تعالى بشرط أن يكون وجود ذلك الغير مستندا إلى وجود آخر ينتهي إلى واجب الوجود بذاته ، ثم هم مختلفون في أنه هل يجوز أن يصدر عنه أكثر من واحد فذهب أكثرهم إلى أنه واحد من كل وجه فلا يصدر عنه إلا واحد.
ثم اختلفوا في ذلك الواحد فقال بعضهم : هو العقل وقال بعضهم : هو العنصر ثم العقل.
واختلفوا في الصادر عن المعلول الأول فقال بعضهم : هو النفس وقال بعضهم : هو عقل آخر ونفس وفلك هو جسم وكذلك يصدر عن كل عقل عقل حتى انتهى بالعقل الذي هو مدبر فلك القمر الفعّال الواهب للصور على مركبات العالم.
ومن قدماء الأوائل من جوّز صدور شيء متكثر من واجب الوجود واختلفوا فيه فمنهم من قال : هو الماء ، ومنهم من قال : هو النار ، ومنهم من قال : هو الهواء ، ومنهم من قال : هو أجسام لطيفة بسيطة تركبت أو أجزاء صغار اجتمعت فحدث العالم ، ومنهم من قال : هو العدد ، ومنهم من قال : هو المحبة والغلبة على ما قررنا تفصيل مذاهبهم في الإرشاد إلى عقائد العباد.
وأما المجوس : فلهم تفصيل مذهب في حدوث الكائنات وسبب امتزاج النور والظلمة وسبب الخلاص لكن اتفقوا على نسبة الخير والصلاح إلى النور ونسبة الشر والفساد إلى الظلمة.
__________________
(١) انظر : غاية المرام للآمدي (ص ٢٦٣ ، ٢٧٥ ، ٢٧٤ ، ٢٨١) ، والملل والنحل للمصنف (١ / ١١٣) ، ومنهاج السنة لابن تيمية (١ / ١٨٠) ، والعقيدة الأصفهانية (ص ٣١) ، وكشف الأوهام والالتباس (ص ٤٨ ، ١٤٨) ، والمواقف للإيجي (٣ / ٢٥٣).