علمه وورعه
كان الشيخ أبو إسحاق ممن انتشر فضله في البلاد ، وفاق أهل زمانه بالعلم والزهد والسداد ، وأقر بعلمه وورعه الموافق والمخالف والمعادي والمحالف ... ، وحاز قصب السبق في جميع الفضائل وتعزّى بالدين والنزاهة عن كل الرذائل ، وكان سخي النفس ، شديد التواضع ، طلق الوجه ، لطيفا ظريفا ، كريم العشرة ، سهل الأخلاق ، كثير المحفوظ للحكايات والأشعار.
كان عاملا بعلمه ، صابرا على خشونة العيش ، معظما للعلم ، مراعيا للعمل بدقائق الفقه والاحتياط ، فقال عنه القاضي أبو العباس الجرجاني صاحب (المعاياة) بتحقيقنا محمد فارس : كان أبو إسحاق الشيرازي لا يملك شيئا من الدنيا ، فبلغ به الفقر حتى كان لا يجد قوتا ولا ملبسا ولقد كنا نأتيه وهو ساكن في القطيعة ، فيقوم لنا نصف قومة ـ ليس يعتدل قائما من العرى ـ كي لا يظهر منه شيء.
قال السرخاني : قال أصحابنا ببغداد : كان الشيخ أبو إسحاق إذا بقي مدة لا يأكل شيئا ، صعد إلى النصرية وله بها صديق ، فكان يثرد له رغيفا ويشربه بماء الباقلاء ، فربما صعد إليه وقد فرغ ، فيقول أبو إسحاق :(تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ) (النازعات : من الآية ١٢).
قال أبو بكر الشاشي : أبو إسحاق حجة اللّه على أئمة العصر.
وقال الموفق الحنفي : أبو إسحاق أمير المؤمنين في الفقهاء.
قال القاضي محمد بن الماهاني : إمامان ما اتفق لهما الحج ، أبو إسحاق الشيرازي ، وقاضي القضاة أبو عبد اللّه الدامغاني. أما أبو إسحاق فكان فقيرا ، ولو أراده لحملوه على الأعناق. والآخر لو أراده لأمكنه على السّندس والإستبرق.
وقال القاضي محمد بن الماهاني : ما اتفق للشيخ الحج ذلك أنه ما كان له استطاعة الزاد والراحلة.