يقول لعمار بن ياسر : (تقتلك الفئة الباغية) (١) ونحن قتلناه ؛ فدل على أن نحن بغاة. فقال معاوية : ما نحن قتلناه ، قتله من أرسله إلينا يقاتلنا ، أما نحن دفعنا عن أنفسنا فقتل ، فبلغ ذلك عليّا رضي اللّه عنه ، فقال : إن كنت أنا قتلته فالنبي صلى اللّه عليه وسلم قاتل حمزة حين أرسله إلى قتال الكفار ولهذا قال بعض أصحابنا إن عليا كان مجتهدا مصيبا فله أجران ، ومعاوية كان مجتهدا مخطئا فله أجر (٢).
والواجب في ذلك الإمساك عما شجر بينهم ، وذكر محاسنهم لما روى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال : «سيجري بين أصحابي هنيهة يغفرها اللّه لهم لسابقتهم ، فإياكم وما شجر بينهم ، فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ، ما بلغ مد أحدكم ولا نصيفه» (٣) وقال عز وجل :(وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ) (الحشر : من الآية ١٠) وقال عز وجل :(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ) (التوبة : من الآية ١٠٠) فأسأل اللّه
__________________
(١) أخرجه البخاري (١ / ١٧٢) ـ ح (٤٣٦) ـ وابن حبان في صحيحه (١٥ / ٥٥٤) ـ ح ـ (٧٠٧٩) والحاكم في مستدركه (٢ / ١٦٢) ـ ح (٢٦٥٣) والإمام أحمد في مسنده (٣ / ٩٠) ـ ح (١١٨٧٩)
(٢) قلت : قال الحافظ ابن كثير : بان وظهر سرّ ما أخبر به الرسول ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ من أن سيدنا عمارا ـ رضي اللّه عنه ـ تقتله الفئة الباغية وبان بذلك أن الخليفة عليّا ـ علية السلام ـ محق وأن معاوية باغ.
انظر؟ البداية والنهاية (٢٧٧١٤)
قال الحافظ ابن حجر : في حديث «ويح عمار» علم من أعلام النبوة ، وفضيلة ظاهرة للخليفة عليّ ـ عليه السلام ـ ولسيدنا عمار ـ رضي اللّه عنه ـ ، ورد على النواصب الزاعمين أن الخليفة عليّا لم يكن مصيبا في حروبه. انظر / فتح الباري (١ / ٥٤٣).
وقال الشيخ البغوي : وقاتل الخليفة عليّ ـ عليه السلام ـ أهل البصرة يوم الجمل.
انظر / التهذيب (٧ / ٢٧٩).
قلت : فحكم عليهم بأنهم بغاة.
وقال الشيخ الرافعيّ : وقاتل الخليفة عليّ ـ عليه السلام ـ أصحاب الجمل.
انظر / فتح العزيز (١١ / ٧٠).
قلت : فعدهم بغاة.
وقال الشيخ القليوبي : وأول من قاتل غير المرتدين من البغاة الخليفة علي ـ عليه السلام.
انظر / حاشية القليوبي على المنهاج (٤ / ١٧٠).
(٣) لم أجده هكذا ، وأما قوله : (فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا .....) فقد أخرجه : البخاري (٣ / ١٣٤٣) ـ ح (٣٤٧٠) ، ومسلم (٤ / ١٩٦٧) ـ ح (٢٥٤٠).