البديع أن يحشرنا في زمرتهم ، وأن يغفر لنا ولهم بمحبتهم ، ويبغض إلينا من يبغضهم ، فقد روى في الخبر عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم «أن اللّه عز وجل إذا علم من عبد أنه يبغض صاحب بدعة غفر اللّه له وإن قل عمله» ، وروى أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال : «من انتهر صاحب بدعة ملأ اللّه قلبه إيمانا وأمنا» (١).
وعنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : «من أهان صاحب بدعة أمنه اللّه من الفزع الأكبر» (٢) فليس يبغضهم إلا مشرك كافر لما روى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال لعلي بن أبي طالب كرم اللّه وجهه : (يا علي يخرج قوم من قبل المشرق يقال لهم الرافضة فإن أدركتهم فاقتلهم فإنهم مشركون) (٣).
وعلامة ذلك أنهم يسبون أبا بكر وعمر رضي اللّه عنهما ، وحكى أن أبا نواس روئى في المنام فقيل له ما فعل اللّه بك؟
فقال : غفر لي. فقيل له : بم؟
فقال : بأربعة أبيات قلتها. فقيل له : وما هي؟ قال هي :
إني رضيت أبا حفص وشيعته |
|
كما رضيت عتيقا صاحب الغار |
وقد رضيت عليا قدوة علما |
|
وما رضيت بقتل الشيخ في الدار |
كل الصحابة عندي قدوة علما |
|
فهل عليّ بهذا القول من عار |
إن كنت تعلم أني لا أحبهم |
|
إلا بوجهك فأعتقني من النار |
فكما أن محبتهم واتباعهم توصل إلي الجنة ، وإن كثرت الذنوب ، فكذلك بغضهم وترك اتباعهم والاقتداء بهم يكون سببا للخلود في النار ، وإن كثرت الطاعة ، فمن اعتقد غير ما أشرنا إليه من اعتقاد أهل الحق ، المنتمين إلى الإمام أبي الحسن الأشعري رضي اللّه عنه فهو كافر بتكفيره لهم ، لما روي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال : (ما كفّر رجل رجلا إلا باء
__________________
(١) أخرجه القضاعي في مسند الشهاب (١ / ٣١٨) ـ ح (٥٣٧) ، والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (٢ / ٢٢٨). وقال عنه الشيخ الهروي إنه موضوع. انظر / المصنوع (١ / ١٧٦) ـ برقم (٣١٤). كشف الخفاء للعجلوني (٢ / ٣٠٨) ـ برقم (٢٤١٢).
(٢) أخرجه القضاعي في مسند الشهاب (١ / ٣١٩) ـ ح (٥٣٨) ، وأبو نعيم في الحلية (٨ / ٢٠٠).
والخطيب في تاريخ بغداد (١٠ / ٢٦٣).
(٣) أخرجه الطبراني في الأوسط (٦ / ٣٥٥) ـ ح (٦٦٠٥) ـ وابن أبي عاصم في السنة (٢ / ٤٧٤) ـ ح (٩٧٩) ، وأبو عمرو الداني في السنن الواردة (ح / ٢٧٩). وأبو نعيم في الحلية (٤ / ٣٢٩).