وسميتم نفس التعلق كسبا فما ذكرتموه في التعلق والكسب من التخصيص فهو جوابنا في الإيجاد من التخصيص.
ومن العجب أنكم تنكرون تأثير القدرة الحادثة وتثبتون التعلق فهلا جوّزتم عموم التعلق حتى يتعلّق بكل موجود قديم أو حادث جوهر أو عرض فإن خصصتم التعلق مع نفي التأثير فلا تستبعدوا منا تخصيص التعلق مع إثبات التأثير.
والجواب قلنا : نحن بيّنا القدرة الحادثة وتعلقها بالمقدور ولم نثبت عموم التعلق ولا لزمنا ذلك إذ لم نعيّن جهة التأثير بالوجود والحدوث وأنتم عيّنتم جهة التأثير بالوجود من حيث هو وجود قضية عامة فلزمكم عموم التعلق والتأثير في كل موجود واستحال على أصلكم حصر صلاحية القدرة في بعض الموجودات دون البعض.
ولم يثبت شيخنا أبو الحسن رحمهالله للقدرة الحادثة صلاحية أصلا لا لجهة الوجود ولا لصفة من صفات الوجود فلم يلزمه التعميم والتخصيص.
وأما القاضي أبو بكر فقد أثبت لها أثرا كما سنذكره ولكنه يبرئ جهة الوجود عن التأثير فيه فلم يلزمه التعميم.
قال القاضي : الإنسان يحسّ من نفسه تفرقة ضرورية بين حركتي الضرورية والاختيارية كحركة المرتعش وحركة المختار والتفرقة لم ترجع إلى نفس الحركتين من حيث الحركة لأنهما حركتان متماثلتان بل إلى زائد على كونهما حركة وهو كون أحدهما مقدورة مرادة وكون الثانية غير مقدورة ولا مرادة ثم لم يخل الأمر من أحد حالين إما أن يقال تعلقت القدرة بإحداهما تعلّق العلم من غير تأثير أصلا فيؤدي ذلك إلى نفي التفرقة فإن نفي التأثير كنفي التعلق فيما يرجع إلى ذاتي الحركتين والإنسان لا يجد التفرقة فيهما وبينهما إلا في أمر زائد على وجودهما وأحوال وجودهما ، وإما أن يقال تعلقت القدرة بأحدهما تعلق تأثير لم يخل الحال من أحد أمرين إما أن يرجع التأثير إلى الوجود والحدوث وإما أن يرجع إلى صفة من صفات الوجود والأول باطل بما ذكرناه أنه لو أثّر في الوجود لأثر في كل موجود فتعيّن أنه يرجع التأثير إلى صفة أخرى وهي حال زائدة على الوجود لأنه أثبت في العد سائر صفات الأجناس من الشيئية والجوهرية والعرضية والكونية واللونية إلى أخص الصفات من الحركات والسكون والسوادية والبياضية فلم يبق سوى حالة واحدة هي الحدوث ، فليأخذ مني في قدرة العبد مثله.
فألزمه أصحابه أنك أثبت حالا مجهولة لا ندري ما هي إذ لا اسم لها ولا معنى.
قال : بل هي معلومة بالدليل والتقسيم الذي أرشدنا إليه كما بيّنا ، فإن لم تتيسر