الحادثة ويلزمه حكم وشرط.
أما الحكم : فإن يتغير المكتسب بالكسب فيكسبه صفة ويكتسب عنه صفة.
وأما الشرط فأن يكون عالما ببعض وجوه الفعل أو نقول يلزمه التغيير ولا يشترط العلم به من كل وجه.
وهذا تحقيق ما قاله الأستاذان كل فعل وقع على التعاون كان كسبا للمستعين وحقيقة الكسب من المكتسب هو وقوع الفعل بقدرته مع تعذر انفراده به وحقيقة الخلق هو وقوع الفعل بقدرته مع صحة انفراده به وهذا أيضا شرح لما قاله الأستاذ أبو بكر إن الكسب هو أن تتعلق القدرة به على وجه ما وإن لم تتعلق به من جميع الوجوه والخلق هو إنشاء العين وإيجاد من العدم فلا فرق بين قوليهما وقول القاضي إلا أن ما سمياه وجها واعتبارا سماه القاضي صفة وحالا (١).
ونجا أبو الحسن رحمهالله (٢) حيث لم يثبت للقدرة الحادثة أثرا أصلا غير اعتقاد العبد بتيسير الفعل عند سلامة الآلات وحدوث الاستطاعة والقدرة والكل من الله تعالى.
وغلا إمام الحرمين حيث أثبت للقدرة الحادثة أثرا هو الوجود غير أنه لم يثبت للعبد استقلالا بالوجود ما لم يستند إلى سبب آخر ثم تتسلسل الأسباب في سلسلة الترقي إلى الباري سبحانه وهو الخالق المبدع المستقل بإبداعه من غير احتياج إلى سبب وإنما سلك في مسلك الفلاسفة حيث قالوا بتسلسل الأسباب وتأثير الوسائط الأعلى في القوابل الأدنى وإنما حمله على تقرير ذلك الاحتراز عن ركاكة الجبر والجبر على تسلسل الأسباب ألزم إذ كل مادة تستعد لصورة خاصة والصور كلها فائضة على المواد من واهب الصور جبرا حتى الاختيار على المختارين جبر والقدرة على القادرين جبر وحصول الأفعال من العباد عند النظر إلى الأسباب جبر وترتيب الجزاء على الأفعال جبر وهو كالمرض يحصل عند سوء المزاج وكالسلامة تحصل عند اعتدال المزاج وكالعلم يحصل عند تجريد العقل عن الغفلة وكالصورة تحصل في المرآة عند التصقيل فالوسائط معدات لا موجودات وما له طبيعة الإمكان في ذاته استحال أن يكون موجدا على حقيقة كما بينا.
وأما شبهة المعتزلة : فتنحصر في مسلكين أحدهما مدارك العقل والثاني
__________________
(١) انظر : غاية المرام للآمدي (ص ٢١٤) ، والتبصير في الدين للأسفراييني (ص ١٠٨) ، وشفاء العليل لابن قيم (ص ١٣٠) ، ومرهم العلل المضلة لليافعي (ص ١٧١).
(٢) يعني الإمام الأشعري.